a7la ayam Admin
عدد الرسائل : 724 العمر : 36 تاريخ التسجيل : 28/10/2007
| موضوع: مهمة الدين الروحية هي الأحد 18 نوفمبر 2007 - 12:16 | |
| مؤسسة البلاغ الصعود نحو الكمال : إن الانسان بعالم المادة والطبيعة , وقصر إهتمامه عليها وحبس وعيه ومشاعره في سجنها الضيق , وسحب هذا الارتباط على السلوك والاتجاه الحياتي للإنسان , يجول حياته شيئا فشيئا الى حياة آلية تقتل في نفسه الشعور بالحقيقة الكبرى (الشعور بوجود الله والتوجه له) فيفقد سر السعادة , ومصدر الكمال الإنساني في هذه الحياة . لأن الاحساس المادي , والايمان بعالم المادة وحده , لا يستطيع أن يرتفع بالأنسان فوق مستوى الحس المادي البهيمي , أو يمنح الانسان تصورا أسمى أو يساعده على إدراك حقيقة اعلى من هذا الفهم والاتتجاه الذي تتجه اليه نفسه , وتسعى نحوه كل توجهاته وآماله . فهو ليس كالانسان المؤمن الذي يعتقد بهدف أعلى وغايات أسمى , ترتفع فوق مستوى الغايات المادية و والنزعات الغريزية , لأن الانسان المؤمن يملك منهجا روحيا يتسامى عن طريقه الى إنسانيته العليا و متدرجا بمراتب تكاملية , مستمرة الصعود , تزرع في نفسه حب الخير والكمال , والإلتزام بصفات الكامل المطلق , ويضع الدنيا ومحتوياتها وكل ما فيها , في المرحلة الدنيا , وفي المرتبة الثانية , فيعيش في الحياة , وهمه الوصول الى ما هو أرقى منها , ويأخذ حاجته منها , ولا يربط وجوده وحياته بها , فهي في نظره مرحلة عابرة , ومحطة تهيؤ وتعبئة واستتعداد للأنتقال الى عالم أسمى , وحياة أرقى , وهي الآخرة . فيعايش هذا الانسان المؤمن ارقى مراتب السعادة الروحية , وأسمى درجات اليقين والاطمئنان الى نتائج وجوده , فليس امامه شئ مجهول يخافه ولا شعور بالفناء والعدم ينغص عليه حياته , بل يعيش دوما في امل الانتقال والترقي الى عالم يملؤه السرور وتضلله السعادة والاستقرار الروحي .. وصدق الله القائل : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ) (محمد/ 2) . فالانسان الروحاني يحيا هذا الايمان سعادة في حياته , وشعورا صادقا في نفسه وبذلك يشبع الانسان حاجة الروح المتجهة نحو الخلود بشكل فطري عميق , ويزيح عنها مخاوف الشعور بالفناء ... هذا الشعور الذي يطارد الملحد والشاك بشكل شعوري أو لا شعوري , فيحيل حياته الى جحيم لا يطاق وشقاء لا سعادة معه ... (إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم ..) (المجادلة/ 5) . الاستقامة مع الحق : والايمان بالله والالتزام بمبادئ الدين وقيمه يشبع الانسان حقيقة روحية أخرى , وهي اتجاه النفس الانسانية الى التقديس والتعظيم , فالانسان بشعوره الفطري وتكوينه النفسي , يشعر بوجود جقيقة كبرى هي الكمال كله فيتصاغر أمامها , ويتجه لتعظيمها , ولكنه لا يعيها بوضوح – دائما - وهو لا بد أن يعبر عن شعوره الفطري هذا , فهو أما أن يوجه وجهته الصحيحة – وهي التوجه الى الله الخالق المعبود عن طريق هداية الانبياء ,وتوجيه الدين السليم – واما أن ينحرف به فيعبر عنه بعبادة المخلوقات , أو الذات الأنانية المقيتة التي هي مصدر الخطر والظلم والعدوان والجشع , فيتحول الانسان الى عبد يعظم ويقدس غير الله .. من طغاة , ومطامع , وشهوات , ومال و وسلطة , وجاه , ... الخ , فتتجسد المأساة البشرية بأبشع صور الأنحراف والطغيان والممارسات الشاذة . وصدق الله القائل : (إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ...) (العنكبوت/ 17) . فكل معبود ما عدا الله إختلاق من تصورات الوهم .. وكل توجه لغيره إنحراف بغريزة العبادة والتقديس , أما الدين فانه يوجه الانسان الى عبادة الله الحق المتعال على كل ما في هذه الحياة , من شهوة , ولذة , ومال , وجاه , وسلطة , لتتجه ذات الإنسان الى المعبود المتصف بكل صفات الكمال من عدل ورحمة وحق وعطف , ومغفرة , ولطف , وعلم ,وحكمة ,وقدرة ...الخ ... فتتجه حياة الانسان بهذا الإتجاه المستمر نحو الله الى التطابق مع قيم الحق والإستقامة والكمال التي يتصف بها معبود الإنسان العظيم . الإحساس بالمسؤولية : ثمة حقيقة روحية اخرى ينميها الدين في وعي الإنسان ويغرسها في أغوار وجدانه , وهي الإحساس بالمسؤولية , والاندفاع الذاتي نحوها , متأثرا بعلاقته مع الله سبحانه وارتباطه به , فالإنسان المؤمن بالله يشعر بمراقبة الله ومخافته ... ويعمل وهو يعلم أن الله معه يراه , ويعلم به أن الله معه يراه , ويعلم به ويراقبه ... ولا يخفى عليه شئ في السماء ولا في الأرض : (عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) (سبأ /3 ) . (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) (غافر/ 19) . فيكون هذا الايمان الشعوري الصادق كاف لتحفيز الإنسان نحو اداء الواجب , والنهوض بالمسؤولية البشرية في كل مجالات الحياة ... سواء القانونية منها , أم التعبدية والأخلاقية , وحتى مع غياب قوة السلطة والدولة التي تحمي القانون والأخلاق . ويربي القرآن هذه الروح الألتزامية في نفوس أتباعه , والمؤمنين به ويؤكد على غرسها وإنمائها , بالعديد من النصوص والمفاهيم , كقوله تعالى : (تلك حدود الله فلا تتعدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ) (البقرة/ 229) . فالمؤمن حريص على إحترام حدود الله وشريعته , والحفاظ على القانون الذي ينظم حياته ويوجه نشاطه , بعكس الانسان الذي لا يؤمن بالله , ولا يخشى رقابته , فإنه يتحين الفرص ويتحسس الثغرات لأختراق دائرة القانون , والتحلل من القيم والمسؤوليات , والضرب بها عرض الجدار كلما وجد فرصة للمخالفة والعصيان , لأنه لا يشعر بقدسية القانون الذي ينظم حياته , ولا يؤمن بعقوبة إلهية إن هو أفلت من قبضة السلطة والعقاب العادل . وتشكل هذه الظاهرة – ظاهرة التحدي لأرادة الحق والعدل – مشكلة هي من اخطر المشاكل التي يعاني منها المجتمع الجاهل المعاصر , بعد ان غابت عن آفاقه مفاهيم الأيمان , وماتت في ضميره دوافع الأحساس بالواجب والمسؤولية , واضطربت لديه مووازين الأخلاق والقيم ... وكان طبيعيا أن ينعكس أثر هذا البناء الداخلي المنهار عند الإنسان المادي الضال على وضعه الحضاري , وتخعامله الأجتماعي ... وكان طبيعيا أيضا أن تضيع في ظل هذه الوضعية الجاهلية حقوق الإنسان وتداس كرامته . وقبل ان نختتم البحث يحسن بنا أن نركو على أهم النتائج الإيجابية التي يولدها الإيمان بالله لدى الفرد والمجتمع المسلم ونرتبها كالآتي : أولا : إن الأيمان بالله يعرف الإنسان بقيمته , وبمعنى الحياة ... منتزعا هذا الفهم من إيمانه بعدل الله وحكمته ويوصل الإنسان الى الأعتقاد بأنه لاظلم , ولا عبث , ولا ضياع في هذه الحياة . ثانيا : إن الأيمان بالله يحرر الإنسان من مخاوف الضياع والفناء , عن طريق الأيمان بالحياة الآخرة والخلود فيها ثالثا : يربي الإيمان بالله في نفس الإنسان يقظة الضمير , والإحساس بحرمة الحياة , والحفاظ على قوانين المجتمع وقيمه العادلة . رابعا : يحرر الإيمان بالله الإنسان من نزعة الخنوع والخضوع لغير الله , فيمنح الإنسان حريته وإحساسه بذاته . خامسا : ينمي الإيمان بالله في نفس الإنسان المؤمن فكرة الكمال الإلهي والإتجاه نحوها . | |
|