أولا : من هي السيده هاجر (أم إسماعيل)؟؟؟؟؟؟؟؟
هي أمَه ضعيفه لاحول لها ولاقوه جاءت بها السيده ساره (زوجة إبراهيم)من مصر إلي أرض كنعان.
وكانت السيده ساره عجوزاً عقيماً يئست من أن تعطي زوجها ولداً , فبدا لها أن تَهَبَه تلك الجاريه المصريه , لعله يسكن إلي إحدي الراحتين.
وحملت ((هاجر)) فهاج ذلك في سيدتها مافي فطرة حواء من غـــيــــرة , فأقبلت علي زوجها عاتبه شاكيه تقول :
أنا دفعت إليك جاريتي , فلما حمَـلـَت ترفعت عليّ .
فرد عليها ملاطفاً :
هي جاريتك , تصنعين بها ماتشائين.
لكن ســــاره لم تشأ أن تصنع شيئاً , بل تجلدت للموقف .حتي إذا وضعت هـــــــاجــر مولودها , نفد صبر السيده ساره , فأقسمت ألا يــؤويــها هي وجاريتها سقف .
ثم مازالت تطلب من زوجها ماأرادت حتي انطلق ذات يوم ميمما شطر الجنوب , تتبعه هــــاجــــر وبين ذراعيها وليدها إسماعيل وقد خطر لإبراهيم أن يلتمس لولده ملاذاً في حِمي بقايا البيت العميق , أول بيت عُبِد فيه الله فــــــــــــي الأرض.
وانتهي بهم المسير عند مكة وهي حينذاك مقفرة خلاء , لايكاد يُلم بها سوي نفر من البدو الرُّحّل , وقوم من العماليق كانوا يعيشون خارجها وينتقلون من حين إلي آخر إلتماساً لماء أو إنتاجاً لمرعي .
وعند ربوة هناك حيث أطلال البيت العتيق , ترك إبراهيم ((هاجر)) وولدها وترك لها جراب تمر وسقاء فيه ماء , وأمرها أن تتخذ لها عريشاً ثم هَمَّ بالرجوع من حيث جاء ...
فارتاعت ((هاجر)) من وحشة البرية , وتضرعت إلي سيدها إبراهيم ألا يدعها وولدهما في ذاك القفر المرهوب , لكنه أشاح بوجهه عنها لا يلتفت ولا يجيب كأنما كان يخشي أن تخونه عاطفته أمام الأم الوالهه الحيري رحمةً بابنه الوحيد المنبوذ مع أمه بالعراء .
وأعادت ((هـــــــــــــاجـــــــــــــر)) سؤالها :
أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيئ ؟؟؟؟
لكنه لم يجيبها و سمعها تنادي عليه سائلةً :
آلله أمرك أن تدعني وهذا الصبي في هذا البلد الموحش ؟؟؟؟
فأجابها دون أن يلتفت : نــــــــــــــــــــعــــــــم.
فقالت ((هاجر)) في إستسلام خاااااشع : إذن فالله لايُــــــــضـــيــعـــنا........
والتفتت إلي ((إبراهيم)) فرأته مبتهلاً إلي الله في توسل وضراعه :
((ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرعٍ عند بيتك المحرم , ربنا ليقيموا الصلاه , فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون.ربنا إنك تعلم مانُخفي ومانُعلن , وما يخفي علي الله من شيئ في الأرض ولا في السماء))
ثـم اســتـأنــف مسيره عائدا إلي زوجته ((السيده ساره)) في أرض كنعان .
أقبلت هاجر علي ولَدها تستمد منه الأنس والعزاء , وكادت تنسي به محنة الرق ومأساة الهجر , وقد شغلت بالنظر إلي وجهه اللــطــيــف الــــحـــبـــيــــــــب , فلم تشعر أول الأمر بوحدتها الرهيبه في الريبه القفر , ولم تدرك حق الإدراك قسوة موقفها بالوادي الأجرد , بين الصخور الكالحه , والجبال الغبراء ...
حتي نفدت مؤنتها الضئيله , وبدأ الظمأ يناوش الصغير العزيز , فهبت مذعورة تبحث له عن ماء , فبدا لها أن تصعد إلي علٍ , فنظرت أي الجبال أدني من الأرض , فإذا ((الصـــــفا)) قريب منها , فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر : هل تري أحداً؟؟؟
وتسمَّعت : هل تؤنس صوتا؟؟؟
فلما لم تجد إلا الوحشه والصمت أتت جبل((المــــــروه)) مهروله تسعي سعي المُجهد , وصعَدت علّها تري أثراً من حياه.....ولا فــــــــــــــــــــــــائــــــــــــــــــده....
وأجهدها السعي بين ((الصــــــــــفا والمــــــــــــروه)) شوطا بعد شوط , حتي نال منها التعب والإعياء فتهاوت علي الأرض الصخريه , مستسلمه لقضاء الله فيها وفي ولدها .
لكنها لم تلبث في مكانها طويلاً فلقد كان لُهاث ولدها الظامئ يمزق قلبها ويفري كبدها
أقسي من أن تحتمله أمومتها , فجمعت كل مابقي لها من قوه وزحفت بعيدا عن ولدها المحتضر ثم غطت وجهها وقالت : لاأنظر موت الولد.......
ثم كانت النجاه.....
حوم طائر علي المكان ثم حط علي بقعه هناك , فظل ينقر فيها بمنقاره حتي انبثق ((مـــاء زمــــزم)) فهرعت ((هاجر)) نحوها وهي تحس موجه دافقه من القوه والحيويه قد سرت في كيانها وأقبلت ترتوي وتسقي ولدها.....
ودبــــــــــت الحــــــــــيـــاه فـــي الـــــوادي الأجــــــــــرد...