a7la ayam Admin
عدد الرسائل : 724 العمر : 36 تاريخ التسجيل : 28/10/2007
| موضوع: التصور الإسلامي للسمات الذهنية الأحد 18 نوفمبر 2007 - 12:12 | |
| التصور الإسلامي للسمات الذهنية د . محمود البستاني نقصد بالسمات الذهنية طبيعة الأدراك البشري وما يكتنفه من مهارات مختلفة تعكس آثارها على الشخصية , التصور الإسلامي لهذا الجانب يقوم أولا على تحديد موقع الأدراك من التركيبة الشخصية , فيقرر هناك أربع مهارات تطبع الجانب العقلي من الشخصية هي : الفهم , الحفظ , الذكاء , العلم . أما (الفهم) فيقصد به الإدراك الصرف أو الوعي بالشئ . وأما العلم فهو الإحاطة بتفصيلات ذلك الشئ فيما نطلق عليه مصطلح الذاكرة أيضا . أما الذكاء فهو حسب التعريف الأرضي له القابلية على رصد العلاقات بين الأشياء أوالقابلية على التجريد الخ . وإذا استثنينا سمة العلم بصفتها نتاجا بيئيا صرفا , حينئذ فإن السمات الثلاث (الفهم و الذكاء والحفظ) تظل ذات طابع وراثي عام للبشرية , ترثه بنحو نقي , وأما الوراثة الطارئة أو البيئة فتدخل في تحسين أو تشويه المهارات المذكورة . بيد أن هذه السمات أو المهارات لا تكتسب طابعا إيجابيا إلا في حالة (التوظيف العبادي لها) , كما أن الممارسة العبادية لا تكتسب طابعا إيجابيا إلا في حالة سلامة الجهاز العقلي , أي : المهارات المشار إليها (الفهم والذكاء والحفظ) ... ولعل النصين التاليين يوضحان هذا التصور الإسلامي لظاهرة (العقل – الإدراك) . يقول الإمام علي (ع) : (من كان عاقلا كان له دين) . ويقول (ع) وقد سئل عن ماهية العقل : (ما عبد به الرحمن)... إذا : التصور العبادي لـ (العقل) أو(الإدراك) لا يفصل بين الإدراك بصفته جهازا فطريا يرثه الإنسان وبين الإدراك بصفته سلوكا عباديا , فمع إفتراض وجود العرض العقلي مثل : الذهان , أو التخلف الذهني , أو الغباء , أو النسيان , لا يمكن أن يستكمل الشخص سمة (الأستواء العبادي) كما انه مع إفتراض عدم الإيمان لا يمكن أن يستكمل الشخص سمة الإستواء العقلي . ولعل النص الذي سبق الوقوف عليه ونعني به : النص الذي تحدث عن خلق الإنسان وتركيبه قد أشار بوضوح إلى هذا الجانب : يقول النص : فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما , حافظا ذكيا ... وعرف فيما هو , ومن أين يأتيه , ولأي شئ هو ... وإلى ما هو صائر , بإخلاص الوحدانية الخ) . فهذه التوصية تصل بين (مهارات العقل) وبين توظيفها للعمل العبادي , وأما في حالة عدم التوظيف فإن المهارات المذكورة تفقد دلالتها الإيجابية . وفي ضوء هذا التصور الإسلامي لـ (الإدراك أو العقل) يمكننا أن نتبين دلالة بعض السمات الذهنية التي تضمنتها قائمة السلوك للإمام الصادق (ع) حينما وضع سمة (التفكر) مقابلا لـ (السهو) , وسمة (الحكمة) مقابل الهوى وسمة الكياسة مقابل الحمق , فالملاحظ أن هذه السمات ترتبط بالمفهوم العبادي لمهارات الذهن,فسمة (السهو) هنا لا تعني (آلية النسيان) بل تعني كون الإنسان (غافلا) عن مهمته العبادية , كما أن (الكياسة) و(الحكمة) تنتسبان للمفهوم العبادي ذاته . اذا : ثمة فارق بين التصور الإسلامي للسمات الذهنية وبين التصور الأرضي لها : حيث يحصر التصور الأخير مهارات الذهن في سلامة جهازه الوظيفي فحسب , أما التصور الإسلامي فيتجاوزه إلى السلوك العبادي الذي لا يفصل بين ما هو مهارة عقلية وبين ما هو مهارة عبادية .
| |
|