هذه المقتطفات من كتاب الإمام إبن القيم " بحر الدموع"
كتب بن القيم رحمه الله, إخوتاه، الى كم هذه الغفلة وأنتم مطالبون بغير مهلة؟
فبالله عليكم، تعاهدوا أيامكم بتحصيل العدد، وأصلحوا من أعمالكم ما فسد،
وكونوا من آجالكم على رصد، فقد آذنتكم الدنيا بالذهاب، وأنتم تلعبون
بالأجل وبين أيديكم يوم الحساب. آه من ثقل الحمل.. آه من قلة الزاد
وبعد الطريق.
فيا أيها المغرور باقباله، المفتون بكواذب آماله، الذي غاب عن الصواب،
وهو في فعله كذاب.
يا بطال، الى كم تؤخر التوبة وما أنت في التأخير بمعذور؟ الى متى يقال عنك:
مفتون ومغرور؟ يا مسكين، قد انقضت أشهر الخير وأنت تعد الشهور؟
أترى مقبول أنت أم مطرود؟ أترى مواصل أنت أم مهجور؟ أترى تركب
النجب غدا أم أنت على وجهك مجرور؟ أترى من أهل الجحيم أنت أم
من أرباب النعيم والقصور. فاز، والله، المخفون، وخسر هنالك المبطلون،
ألا الى الله تصير
مالي أراك على الذنوب مواظبـا =أأخذت من سوء الحساب أمانـا
لا تفغلن كأن يومـك قـد أتـى =ولعل عمرك قـد دنـا أو حانـا
ومضى الحبيب لحفر قبره مسرعا =وأتى الصديـق فأنـذر الجيرانـا
وأتـو بغسّـال وجـاؤوا نحـوه =وبـدا بغسلـك ميتـا عريـانـا
فغسلت ثم كسيـت ثوبـا للبلـى =ودعوا لحمل سريـرك الاخوانـا
وأتاك أهلـك للـوداع فودّعـوا =وجرت عليك دموعهـم غدرانـا
فخف الالـه فانـه مـن خافـه =سكن الجنان مجـاورا رضوانـا
جنـات عـدن لا يبيـد نعيمهـا =أبـدا يخالـط روحـه ريحـانـا
ولمن عصا نار يقال لهـا لظـى =تشوى الوجوه وتحـرق الأبدانـا
نبكي وحق لنا البكاء يـا قومنـا =كي لا يؤاخذنـا بمـا قـد كانـا