زواج مع وقف التنفيذ

زواج مع وقف التنفيذ

مؤسسة البلاغ
بسبب من تعقّد الأوضاع المعيشية والاجتماعية المعاصرة ، ودخول
ما ليس من الاسلام في الاسلام من عادات وتقاليد وبدع ، أصبح الزواج ـ كحاجة أساسية في إنشاء البيوت الاسلامية ـ أمراً صعباً ومعقّداً وعقبتاه الكبيرتان : (الاختيار) و (المهر) .
فلم يعد الشرط الأساس الذي يتمسّك به الشاب دين الفتاة «عليك بذات الدين» وإنّما الشكل والأسرة والموقع الاجتماعي ، كما لم يعد شرط الفتاة الخلق والدين «إذا جاءكم مَنْ ترضون خلقه ودينه فزوّجوه» ، وإنّما الرصيد في البنك والبيت الفاره والسيارة الحديثة ، وإذا توفرت هذه فليس مهمّاً أن يكون مثقفاً أو صاحب شهادة ، ولذا شاع الزواج بالتجار وبالمسنين وأصحاب العقارات أو المهاجرين الذين يمتلكون مدخولاً مالياً جيِّداً .
ورغم أ نّنا لا يمكن أن نعمّم ذلك ، فما زالت الشروط الأساسية تراعى من قبل بعض الشبان والفتيات ، لكنّنا نتحدّث عن المفاهيم المغلوطة ، والتركيز على جانب (المال) عند الشاب و (الجمال) عند الفتاة ، ومع أهميّة هذين الشرطين لكنهما ليسا الشروط الأساسية .
وبسبب التعقيدات والمهور العالية عزف بعض الشبان ـ مكرهين ـ عن الزواج ، فرغبتهم بالاستقرار وبناء عشّ الزوجية لا يحول دونها سوى الشروط التعجيزية التي تجعل الشاب يفني زهرة شبابه في جمع مهر زوجته وبناء بيته وتأثيثه والحصول على عمل مربح حتى يتجرّأ على الإقدام على خطوة الزواج .
لم يعد ـ للأسف ـ بيت الزوجية عند بعض الأسر عشّاً يبنى قشّة قشّة ، وإنّما هو بيت كامل مكتمل من جميع الوجوه ، وإلاّ فلا .
ودخل في الشروط غير المعلنة أيضاً مدى ما ينتفع به الأب والاُم من زواج ابنتهما مما جعل بعض الزيجات تفشل لهذا السبب .
يقولون إنّ الحياة قد تغيّرت ، أي أصبحت أكثر صعوبة . نعم ، أصبحت صعبة وزدناها بشروطنا التي ما أنزل الله بها من سلطان صعوبة على صعوبة ، حتى أ نّك إذا طرحت على شاب متخرج وعامل لِمَ لَمْ تتزوج لحدّ الآن ، لقال لك : لم أستكمل مستلزمات الزواج بعد .
إنّ كاهل الشاب إذا أثقل في بداية حياته الزوجية بالفواتير الباهضة وتقليد نفقات العرس الباذخ لابنة الجيران أو ابنة العم أو الخال ، والديون التي تتراكم عليه في تأمين المستلزمات الاصطناعية لحياة يقال عنها سعيدة ، فإنّه سوف لن يكون قادراً على حمل أعباء تلك الحياة والاستمتاع بها .
وربّما اضطرّ بعض الشبان إلى الهجرة إلى الخارج حتى يؤمّنوا نفقات الزواج ، وربّما يضعف دينهم هناك ، وربّما يتزوجون بالغربيات لسهولة ذلك في مقابل التعقيد الذي تعيشه مجتمعاتنا .
إنّ وعي الفتاة وتجاوزها لهذه المفاهيم الخاطئة يلعب دوراً كبيراً في
معالجة هذه المشكلة باعتبارها صاحبة الاختيار ، فإذا كانت قد حدّدت الطلبات المعقولة ، وأعانت شريك حياتها على مواجهة متطلبات الحياة المستقبلية ، وذللت الكثير من العقبات في طريق اقترانهما ، فإنّها ستترك لعجلة الزواج أن تدور بسلام ، وإلاّ فإن أرقام الانحراف والعنوسة والفساد في ازدياد مخيف .