a7la klam
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

a7la klam


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:11


المرأة في ظلّ الحضارات غير الاسلامية

محنة الانسان وسرّ مأساته في ظلّ الحضارات الماديّة الحديثة تكمن في تلك الأزمة الفكرية والضياع العقائدي، وارتباك المفاهيم والأفكار التي تملي عليه المواقف، وتحدد نظرتة إلى الأشياء من حوله، وترسم علاقاته وروابطه الانسانية مع أبناء نوعه.
فيكفي الباحث والمحلل أن يلقي نظرة عابرة على طبيعة وظاهر الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والنفسية التي يعانيها إنسان الحضارة الماديّة الجاهلية المعاصرة، ليكتشف من خلال هذه المعاناة عقدة الحضارة وصورة المأساة المُرّة، من الظّلم والكبت والضّياع والحرمان... الخ.
وإذا ما حاول المرء إرجاع هذه الظواهر الاجتماعية والنفسية والفكرية إلى أصولها التاريخية، سيجدها حلقة وثيقة الارتباط بسلسلة التاريخ الجاهلي على هذه الأرض، وصورة تجمّعت خطوطها عبر أبعاد العصور الجاهلية السحيقة في فراغ الزّمن المعاصر، لتشكّل أضخم حجم حضاري لتخبّط الانسان وضياعه الفكري والنفسي، ولترسم صورة ذلك الانسان المشوّه الذي تلوثت فطرته، وانحرفت حياته عن قانون الطبيعة البشرية، وخط الاستقامة والخير الذي يقود الانسان إلى صنع الحياة، في ظلّ قيم ومفاهيم انسانية، يشكلً في ظلهّا إنسانيته الرّفيعة، ويعبّر من خلالها عن هويته وذاته الفطرية السليمة.
ومن تلك المفاهيم والقيم والعلاقات المشوّهة المنحدرة من أعماق التاريخ الجاهلي للانسان، والمُنصبّة في إطار الحضارة المادّية الحديثة، هو مفهوم هذه الحضارة عن المرأة، والجنس، والأسرة، وعلاقة الرجل بالمرأة... الخ.
فتاريخ هذه المفاهيم والقيم والعلاقات، يحدّثنا عن صورة مأساوية، وطبيعة وحشيّة أساءت لقانون الحياة، وحادت عن نظام الطبيعة والفطرة البشرية، ووضعت المرأة في مواضع لا تتناسب ووضعها الانساني في بيئة الحياة، فاضطربت نتيجة لهذا الفهم والوضع موازنة الحياة الاجتماعية، واختلّت معادلة العلاقة الانسانية بين الرّجل والمرأة، وصارت المرأة تعاني من شقاء المجتمع وسوء معاملة الرّجل ووحشية القوانين، أشدّ المعاناة، بدءاً بأقدم العصور وانتهاءً بالحضارة المادّية الحديثة، فكلّ تلك الحضارات والقوانين ـ إلاّ ما ندر ـ تعتبر المرأة سلعة من سلع الحياة، وأداة من أدوات المتعة، وأسيرة لا تملك من امرها شيئاً، ومخلوقاً لا يتمتّع بالخصائص الانسانية التي يتمتّع بها الرجل، بل اعتبرت المرأة مصدراً للشّرور في هذا العالم، وسبباً للخطيئة، ورجساً يجب التطهّر منه.
وحتّى في الشعوب التي اعتبر أهلها أصحاب مدينّة وحضارة كاليونان والرّومان فإنّ المرأة كانت محرومة من حقوقها المدينّة، وخاضعة لتصرّف الأب والزّوج، خضوع العبيد والأسرى، كما هو حالها في ظلّ المفاهيم اليهودية المحرّفة، التي اعتبرت المرأة سبباً للخطيئة والاثم، انطلاقاً من الأسطورة اليهودية القائلة بأنّ المرأة هي السبب في خطيئة آدم وإغوائه وإخراجه من الجنّة؛ فقد نصّت التوراة ـ توراة اليهود المحرّفة ـ:
[ المرأة أمرّ من الموت، وإنّ الصالح أمام الله ينجو منها، رجلاً واحداً بين ألف وجدتُ، أما امرأة فبين كلّ أولئك لم أجد] (1) .
واعتبرت المرأة في ظلّ هذا الفهم اليهودي المحرّف لشريعة موسى الإلهية، اعتبرت متاعاً يورث وسلعة تباع.
فقد جاء في الاصلاح الثّاني والأربعين من سفر أيّوب (ع):
[ لم توجد نساء جميلات كنساء أيّوب في كلّ الأرض، وأعطاهنّ أبوهنّ ميراثاً بين إخوتهنّ] (2).
وتحكم هذه الشريعة:[إذا توفّي شخص بدون أن ينجب أولاداً ذكوراً تصبح أرملته ـ وهي المسماة عند اليهود"ياباماه"ـ زوجة تلقائية لشقيق زوجها أو أخيه لأبيه ـ ويسمى عند اليهود"يابام"ـ رضيت بذلك أم كرهت،وتجب عليه نفقتها ويرثها إذا ماتت،وأوّل ولد ذكر يجيء من هذا الزواج يحمل اسم زوجها الأوّل،ويخلفه في تركته ووظائفه،وينسب إليه لا إلى زوجها الحالي،فيخلد بذلك اسم زوجها الأوّل،ولا يمحى من سجل إسرائيل،ولا يجوز للـ"ياباماه"أن تتزوج من غير الـ"يابام "إلاّ إذا خلّصها بطريقة تسمّى في شريعتهم الـ"خاليصاه"ويتم هذا الخلاص في طقوس غريبة ينص عليها سفر التثنية إذ يقول: إذا لم يرغب هذا الأخ في الزواج بأرملة أخيه،فإنّه يجب عليها أن تشخص إلى مجلس شيوخ بني إسرائيل،وتذكر لهم أنّ أخا زوجها قد عزف عن تخليد اسم أخيه في سجل إسرائيل،فلم يرغب في الزواج بها،وحينئذ يستدعيه أعضاء هذا المجلس ويحضُونه على العدول عن رأيه،والزواج من امرأة أخيه،فاذا لم يذعن لرأيهم وظلّ متشبّثاً برأيه،تقدّمت إليه امرأة أخيه،وخلعت نعليه،وبصقت في وجهه قائلة:هكذا يجب معاملة من لا يعمر منزل أخيه،وسيطلق على منزله اسم"منزل الحافي"من لا نعل له].
وقد أقرّت ذلك المادة (36) من كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية للاسرائيليين في مصر [ إذ تقرر أن المتوفى عنها زوجها إذا يترك أولاداً ذكوراً، وكان له شقيق أو أخ لأب، اعتبرت زوجة له شرعاً، ولا تحل لغيره ما دام حيّاً إلاّ إذا تبرأّ منها.
بل انّهاـ أي شريعة حكماء اليهود ـ لتبيح للوالد المعسر أن يبيع ابنته بيع الرقيق لقاء ثمن يفرج به أزمته].(3)
وأكثر من ذلك فانّ هذه الشريعة المنحرفة اعتبرت البنت سلعة تُباع وتشُترى.
أما حالة المرأة في الجاهلية العربية قبل الاسلام فهي صورة أُخرى من صور المأساة المريرة التي عايشتها المرأة، فكانت العرب تعتبر المرأة سوأة وتكره وجودها، وتخاف العار وتبعات السبي، ويتمنّى العربي وقتها لو لم تولد له أُنثى، ولم ير وجهها، وقد بلغ الحقد والكراهية كلّ مدى في نفوس هذا الصنف من الرّجل القساة، إلى درجة راح معها بعض الآباء يدفن ابنته حيّة بعد الولادة، أو عندما تصير صبيّة تدرج وتلعب.
ونتيجة لهذا المنطق والتصوّر كانت المرأة سلعة ومتاعاً في مفهوم ذلك المجتمع الجاهلي، إلى درجة كان الابن يتزوّج زوجات أبيه، وقد سجّل القرآن الكريم هذه الصورة الاجتماعية البشعة لجاهلية العرب، مستنكراً كلّ أوضاعها وتصوّراتها ومواقفها من المرأة، قال الله تعالى:
{ وإذا بشّر أحدُهُم بالأنثى ظلّ وجهُه مُسودّاً وهو كظيم* يتوارى من القوم من سوء ما بُشّر به أيمُسكُهُ على هون أم يدُسُّه في التّراب ألا ساء ما يحكمون}. (النحل/58-59)
{ وإذا الموؤدةُ سُئلت * بأيّ ذنب قُتلت}. (التكوير/8-9)
{ ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلاّ ما قد سلف إنّه كان فاحشةً ومقتاً وساء سبيلا}. (النساء/22)
أمّا المفاهيم الكنسية فقد بنت أفكارها على حطام أفكار حكماء اليهود وأحبارهم، وقد جاء هذا الموقف الكنسي من المرأة واضحاً محُدّداً على لسان أحد أقطاب المسيحية الأول وأئمّتها، مبينّاً نظرية المسيحية ـ المحرفة ـ في المرأة:
[ إنها مدخل الشّيطان إلى نفس الانسان، وإنّها دافعة بالمرء إلى الشّجرة الممنوعة، ناقضة لقانون الله، ومشوّهة لصورة الله ـ أي صورة الرجل ـ] (4).
وكذلك يقول ( كرائي سوستام) الذي يعدّ من كبار أولياء الدّيانة المسيحية في شأن المرأة:
[ هي شرّ لابدّ منه، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتّاكة ورزء مطليّ مموّه ] (5).
وكان طبيعياً بعد تنامي الحضارة الأوربية الماديّة الحديثة أن تنشأ ردود فعل معاكسة ضدّ المفاهيم اليهودية والكنيسة الهمجية الخرافية المتخلّفة، من قبل شعوب أوربا وأمريكا، وغيرها من الشعوب التي خضعت قروناً من الزمن لهذا التفكير.
وكان طبيعياً أن تتحطّم هذه النظرية عن الجنس والمرأة وعلاقتها بالرجل والحياة والحضارة، وكان طبيعياً أن تكوّن أوربا المادية نظريتها عن هذه الموضوعات على أساس موروثات اليونان والرومان الحضارية من جهة، وعلى أساس ردّ الفعل المعاكس لوضع المرأة المأساوي في ظلّ مجتمعها، الذي ورث مفاهيمه وقوانينه من المفاهيم اليهودية والمسيحية المشوّهة، فانبرت هذه النظرية تنادي بتحطيم المفاهيم الخرافيّة الباطلة التي كوّنتها تلك الحضارات المنحرفة والشاذّة، وترفع شعار الاباحية الجنسية، وتنادي بما يسمّى بتحرير المرأة.
ولم يكن هذا الاتجاه إلاّ نتيجة طبيعيّة للمفهوم الأخلاقي المادّي للّذة والجنس والاستمتاع والتعامل الغريزي، الذي رفعته الحضارة الأوربية المادّية ضد أوضاع المرأة، ومفهوم الجنس والعلاقة بين الرجل والمرأة والحياة، في مجتمعها الذي خطّطت الحياة والمفاهيم والعلاقات الاجتماعية فيه أفكار الكنيسة المتحجّرة وبقايا الفكر اليهودي المنحرف، مما أركس المرأة في ظلّ هذه الحضارة في أوحال السقوط، وشدّد خناق المأساة الاجتماعية من حولها، فلم يمهلها هذا التيّار فرصة الخروج من محنة الاحتقار والعبوديّة والاستهانة بانسانيتها حتى أسقطها في فوضى الاستمتاع الشهواني، وضياع المقاييس، وألم المعاناة والشقاء النفسي والعائلي، الذي مُنيت به على يد هذه الحضارة المريضة المهزوزة، فأصبحت كالمستجير من الرمضاء بالنار.
والذي يتابع أوضاع المرأة التي صنعتها هذه الحضارة في أوربا وأمريكا واليابان وروسيا وبقيّة أنحاء العالم المتأثّر بهذا التيّار المادي، يشاهد أوضاعاً شاذّة، ويلاحظ نتائج مؤلمة، ويدرك أنّ حضارة هذا الانسان الجاهلي ستنهار، وأن ركب هذه الحضارة يتعثّر في صحارى التيه والضياع، وأنّها تكرار لتجربة الأمم الجاهلية المنقرضة التي شخّص القرآن تجربتها بقوله:
[ كالّذين من قبلكم كانوا أشدّ منكم قوّة وأكثر أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكُم كما استمتع الّذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعماُلُهم في الدُّنيا والآخرة وأولئك همُ الخاسرون]. (التوبه/69)
وعلى الرغم من دعاوى المدنية بتحرير المرأة، ونيلها حقوقها، ومساواتها بالرجل، إلاّ أنّ مشكلة المرأة والجنس والعلاقة مع الرجل والمجتمع أصبحت خطراً يهدد سعادة المرأة والأسرة والمجتمع، وصارت هذه الدعوات سبباً لشقاء المرأة ومسخ إنسانيّتها. وها هي الأرقام والاحصائيات تخرج علينا في كلّ يوم بحقائق مفزعة، ووضعيات مؤلمة، تشكّل بمجموعها صوت النذير، وارهاصات السقوط، وتفرض على إنسان هذه الحضارة أن يعُيد النظر في فهمه وتصوّره للجنس والمرأة والرجل والعلاقة الاجتماعية بينهما.
ولكي نضع بين يدي القارئ شهادة موثقّة بأرقام الاحصاء ونتائج الدراسات، ندوّن في ما يأتي عينّات إحصائية تحكي لنا جانباً من صورة المأساة والضياع المروّع في ظلّ الحضارة المادية الحديثة، لمشاكل الأسرة، والطّلاق، والزّنا، والأبناء غير الشرعيين وتعاسة المرأة والرجل الأسريّة ... الخ، فمثلاً: كتبت جريدة القبس الكويتية تقول: [ هجرت 12713 ربّة بيت في العام الماضي بيتها، أي بمعدّل -35- ربّة بيت في اليوم، في اليابان، وقد أذاع البوليس هذه الارقام يوم الاحتفال بعيد الأم، بناء على الطلبات الواردة إليه للبحث عن الامّهات، أو ربّات البيوت المختفيات، ويطلق اليابانيّون على ربّة البيت المختفية لأسباب خلافات عائلية، وعنف الأزواج، السيدة المتبخترة.
وهناك عدد متزايد من ربّات البيوت اللواتي يصادفن رجالاً غير أزواجهن ويتركن البيت والأطفال، وذكر البوليس أنّ (400) ربّة بيت قد هجرن بيوتهنّ فراراً من الدّيون] (6).
وجاء في تقرير آخر:
[ أعلنت اليوم هيئة، مقرّها بنيويورك وعملها البحث عن الزوجات أو الأزواج الهاربين من بيوتهم، أنّه قد اتّضح من العمليات التي قامت بها في عام (1952م ) أن في الولايات المتّحدة سبعين ألف زوج هارب من زوجته مقابل (15) زوجة فقط هاربات من أزواجهن] (7).
وجاء في مجلّة المجتمع الكويتية: [ تعدّ بريطانيا أوّل دولة أوربيّة فيما تسجّله من حوادث كلّ الطلاق عام، وكانت قد سجّلت في العالم الماضي وقوع (170) الف حالة بعد أن كانت (146) ألفاً في العام الذي سبقه، وتشير الأرقام إلى وجود نحو (700) ألف إنسان يعيشون بعد الطلاق على برامج الرعاية الاجتماعية، والدعم المالي الذي تقدّمه الحكومة، ممّا يرهق خزينتها بمبالغ باهضة] (8).
وكتب أحد القضاة الأمريكيين قائلاً:[ في بلدة دنور، في سنة 1922م، أعقب كلّ زواج تفريق بين الزوجين، وبازاء كلّ زواجين عُرضت على المحكمة قضيّة طلاق، وهذه الحالة لا تقتصر على بلدة دنور، بل الحق أنّ جميع البلدان الأمريكية على وجه التقريب تماثلها في ذلك قليلاً أو كثيراً] (9).
[ وقد جاء تقرير طبيب من مدينة ( بالتي مور) أنّه قد رفع إلى المحاكم في تلك المدينة أكثر من (1000) مرافعة في مدّة سنة واحدة، كلّها في ارتكاب الفاحشة مع صبايا دون الثانية عشرة من العمر](10).
وجاء في تقرير آخر:
[ انّ النساء اللاتي قد اتخذن من الفحشاء حرفةً في أمريكا يقدًر مجموعهن - على أقلّ تقدير- بين أربعمائة وخمسمائة الف ] (11).
وفي تقارير أخرى نقرأ:
[ تتعرضّ تسع فتيات للاغتصاب والاختطاف من أصل كلّ اثنتي عشرة فتاة في بريطانيا ] (12).
وجاء في تصريح لمندوبة الأمم المتحدة التي كُلّفت بدراسة أوضاع المرأة في الشرق العربي الدكتورة ( هومر) السويدية عام (1975م):
[ إن المرأة السويدية تفكر في هذه الأيام بالمطالبة بجعل هذه السنة الدولية للمرأة، ثم جعل سنة دولية للرجل لانقاذ حقوقه من المرأة ] وقالت: [إن مأساة المرأة في السويد هي الحريّة التي نالتها وأوصلتها إلى درجة خطيرة ورهيبة ].
وقالت الدكتورة هومر أيضاً: [ انّ (25%) من السويديين مصابون بالأمراض العصبية والنفسية، و(40%) من الدخل في السويد ينفق على معالجة هذه الأمراض، وذلك سببه الحرية التي نالتها المرأة في السويد بالشكل الذي تمارسه] (13).إنّ حالات الحمل السابقة للزواج قد بلغت حدّا وبائياً في الولايات المتحدة الأمريكية، فالزنا يتفاقم بشدّة، وحالات اللواط والسحاق في أوساط الرجال والنساء تكشف بشكل فاضح طبيعة الاتجاهات الجنسية المنحرفة، مع استفحال حالة الحمل السابق للزواج، تبرز المشكلة الأخلاقية الخطيرة ألا وهي الاجهاض، والتي تسبب هلاك وفناء الأطفال وهم داخل أرحام أمهاتهم.كما انّ ظاهرة الأمراض الجنسية القابلة للانتقال أضحت شرّاً مستطيراً؛ فاستناداً إلى دراسة حديثة اجرتها وكالة ( أسوشيتدبريس)، تبيّن أنّ أربعاً من كلّ خمس نساء امريكيات عازبات في العشرين من أعمارهن يمارسن الجنس، وأن واحدة من كل ّ ثلاث تعاشر رجلاً في إطار من العلاقة الجنسية غير الشرعية، وإن ثلث مجموع تلكم النسوة حملن مرةً واحدة على الأقل، وإن (40%) من الحوامل أجرت عملية اجهاض.إن هذه الاحصائيات علامات واضحة تكشف عن الواقع الأخلاقي لهذه المجتمعات المتمدنة والسائرة نحو هاوية السقوط.
إن ظاهرة الخيانة الزّوجية بواسطة الرجل والمرأة معاً تركت بصماتها القويّة في نفوس الأطفال الذين يفتقرون إلى حسّ أخلاقي كان مفقوداً في نفوس والديهم.
ان استمرار هذه الظاهرة وضعنا مرّة أخرى أمام مشكلة دونما حلّ على الصّعيد الانساني.
وجاء في تقرير آخر من التقارير التي تكشف مأساة الانسان في ظلّ الحضارة المادية ما .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:15

يأتي:
[ يقول الاتحاد الأمريكي للخدمات الأسرية: أصبح انهيار الأسرة والذي وصل الآن إلى درجة وبائية، المشكلة الاجتماعية الأولى، فكلّ عام يفصل الطلاق بين أكثر من مليون شخص، والمعدل الحالي هو سبعة أضعاف ما كان قبل مائة سنة، وأصبح عدد الأطفال غير الشرعيين ثلاثة أضعاف ما كان سنة 1938م، ويولد سنوياً أربعة ملايين طفل غير شرعي في الولايات المتحدة!!] (14).
وجاء في تقرير آخر:
[ وهل تعلم أنّه ورد في تقرير لمكتب التحقيق الفيدرالي أنّ أعلى نسبة جرائم القتل في نطاق الأسرة هي قتل زوج لزوجته؟ وإن (15%) من جرائم الأسرة هي حالة قتل أبوين لأبنائها] (15).
[ وفي استفتاء جرى مؤخّراً تحت إدارة اليونسكو كانت النتيجة أن (60%) من الزوجات الأمريكيات والزوجات الأوربيات يشعرن بالخيبة والشقاء وعدم الرضى] (16).
[ وجاء في تقرير آخر أنّه بلغت حالات الطلاق في بريطانيا بسبب الخيانة الزوجية من كلا الزوجين كالآتي:
السنة عدد حالات الطلاق
1938م. 9970 طلاقاً
1950م. 29096 =1960م. 27870 =1969م. 60134 =1970م. 70575 =1971م. 110017 =1972م. 109822=1973م. 115048=1977م. 146000=1979م. 170000=1981م. 181000=] (17)
كشف عدد أكتوبر عام 1985م من مجلة ( عالم المرأة) الحقائق المثيرة التالية، والتي تدل على الانحلال والتفسّخ في المجتمعات غير الاسلامية:
* إن طفلاً واحداً من بين ستة أطفال يولدون في المملكة المتحدة في عام 1984م، يولد بصورة غير شرعية.
إنّ استفتاء اُجري لنساء متزوجات لفترة من (5-15) سنة أظهر انّ 2 من بين كل 5 نساء اعترفن بوجود علاقة جنسية غير شرعية بشخص آخر غير أزواجهن.
* كما انّ استفتاء لعدد من طالبات الدراسة الثانوية كشف أنّ ثلاثة أرباع هذا العدد لا يرغبن في الزواج، ويفضلن إشباع رغباتهنّ الجنسية دونما زواج.
* إن عدد حالات الاغتصاب قد ارتفع بنسبة (27%) خلال الستة شهور الأولى من هذه السنة.
*وتفيد المعلومات المستقاة من مسؤول قيادي في(بيت الطفل الوطني)انّ واحداً من كلّ خمسة أطفال بريطانيين يتعرّضون للاعتداء الجسدي والجنسي،وقد عزا هذا المسؤول انتشار هذا الوباء(الاعتداء) إلى ظاهرة الانهيار الأسري، وقال انّ مصدر هذا الاعتداء هو الآباء غير الأصليين أو أمهاتهم اللائي يعشن كعشيقات لا كأمهات وزوجات.
* وفي دراسة واسعة أُجريت من قبل مسؤول تربوي، أظهرت انّ راشداً واحداً من بين كلّ عشرة في المملكة المتحدة تعرّض لاعتداء جنسي خلال طفولته.
وفي رسالة لوكالة الأنباء البريطانية (رويتر) نشرتها في الثالث من ديسمبر عام 1985م ذكرت فيها أنّ في كلّ أسبوع واحد يقتل في بريطانيا (4) أطفال بواسطة والديهم أو القائمين على شؤونهم طبقاً لمصادر الجمعية الوطنية لمكافحة القسوة بحق الأطفال. وأضافت الوكالة انّ المشكلة هي أخطر بكثير مما يتُصوّر، فقد كشف ناطق باسم الجمعية رقماً رهيباً عن عدد الأطفال الذين يموتون سنوياً بواسطة أبويهم: (200) طفل، وأفاد انّه خلال كلّ أسبوعين يقتل طفل واحد في بريطانيا من قبل غرباء أو بواسطة أقرباء.
إنّ دوائر التسجيل في انكلترا وويلز وإيرلندا الشمالية فوجئت بتسجيل ما مجموعه (30) ألف طفل كانوا ضحايا لسوء المعاملة، وهذا الرقم يمثّل زيادة تفوق (5) آلاف حالة جديدة اكتشفت خلال السنتين الماضيتين.
إنّ هذه الأرقام، أماط اللثام عنها (برين رويكروفت) مسؤول منظمة مديري الخدمة الاجتماعية في تحقيق قضائي أُجري عن المعاملة السيئة التي يتعرض لها الأطفال في كليفلند وشمال انكلترا، فقد ذكر هذا المسؤول انّ الارتفاع كان أكثر بكثير من نسبة (22%) الموجود في بعض المناطق، ووصف الموقف في كليفلند بأنّه (مرعب)، فقد أظهرت الأرقام زيادة مهمّة في عدد المناطق التي تحتفظ باحصاءات مستقل‍ة عن حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال.
إن ظاهرة الانهيار الأسري في بريطانيا يمكن أن تعلل رواج وانتشار حالات العيش والمعاشرة دون زواج شرعي، فالأرقام الجديدة التي أصدرتها حكومة المملكة المتحدة في الرابع عشر من كانون الثاني عام 1988م كشفت زيادة في نسبة الولادات غير الشرعية، فقد ارتفعت النسبة من (4%) في الخمسينات إلى (21%) من مجموع الولادات في عام 1986م باستثناء الدانمارك التي سجلت معدّلاً أوربيّاً عالياً بلغ (43%).
إنّ الاحصاءات الصادرة عن المصادر الاجتماعية، أشارت إلى ارتفاع كبير في معدل الطلاق في بريطانيا وانّ ضعفي هذا المعدل موجود في فرنسا وألمانيا، فقد اكتشف أنّه ما بين عامي 1979و 1985م تضاعفت نسبة هؤلاء الذين يعيشون معاً بدون زواج، كما أن نسبة تقدر بـ (15%) من مجموع النساء العازبات - عام 1985م- ما بين سن (18) و(49) بضمنهن كثير من المطلّقات، يعاشرن رجالاً بصورة غير شرعية.
كما شهدت حالة الانهيار الأسري ارتفاعاً حادّاً في عدد الأشخاص الذين يعيشون حياة وحيدة، فبينما كانت النسبة (10%) عام 1951م، إذ بها ترتفع إلى (25%) من المجموع الكلّي لعدد أفراد العائلة

إنّ اللقاء العالمي عن المرأة ووسائل الاعلام الذي عقد في أثينا في اليونان عام 1985م كان إدانة واضحة للأسلوب الذي تعامل به المرأة في المجتمعات الأوربية التي تزعم الدفاع عن الحرية والمساواة.
فقد انبرت إحدى المشاركات في هذا اللقاء واسمها (بتراكيلي) وهي عضو البرلمان في ألمانيا الاتحادية وأعلنت بمرارة شديدة: [ نحن معشر النساء نعامل في ألمانيا كأقليّة، كما يعامل المرضى والطبقات الدنيا من المجتمع والأطفال، فهم يصوّروننا كمادّة للاباحية الجنسية ويعتبرون استخدام العنف معنا شيئاً طبيعاً، ففي كل (15) دقيقة تقع امرأة واحدة فريسة للاغتصاب].
وطالب اللقاء بالحاح من البرلمان اليوناني أن يصدر قانوناً يحرم بموجبه استثمار المرأة كسلعة للاعلام التلفزيوني الخليع.
وفيما يلي إحصائية تكشف هذا الانهيار العائلي الوبائي في المجتمعات الماديّة المنحرفة:
فرنسا:
* إنّ حالة واحدة من بين أربع حالات زواج تنتهي بالطلاق، وقد تصل النسبة في المدن إلى (50%).
* إنّ من بين (600) ألف حالة زواج سنوياً يختار (100) ألف أن يعيشوا بدون زواج، كما يختار (100) ألف الطلاق.
كندا:
* إنّ (40%) تقريباً من حالات الزواج الأولى تنتهي بالطلاق، كما تضاعف معدّل الطلاق بين عامي 1972و 1982م.
الاتحاد السوفيتي (سابقاً):
* إنّ (70%) تقريباً من حالات الزواج تنهار خلال عشر سنين، وطبقاً لمجلة ( موسكفسكايابرافدا) بأنّ عوامل هذه الظاهرة تتمثّل في السكر الشديد والحاجة إلى المال وفقدان حرمة العلاقات الزوجية.
وسط وجنوب أمريكا:
* أوضحت مجلة اليونسكو ( كوريير) انّ العوائل التي تفتقر إلى أحد الأبوين غالباً ما يسببها هجرة النساء إلى المدن، وإيجاد أطفال بواسطة سلسلة من العلاقات الجنسية. وتضيف هذه المجلة بأنّ حالات الانهيار الأسري ووقوع الأمهات والأبناء ضحية للبؤس والشقاء تحدثها معاقرة الخمور وافتقار الأزواج إلى مصادر العيش الكافية كلّياً.
كما بيّنت المجلة أنّ الدول ذات الأرقام القياسية في الولادات غير الشرعية في العالم تقع في منطقة الكاريبي وفي وسط وجنوب أمريكا.
الصّين:
* مع انّ نسبة الطلاق في الصين هي أوطأ منها في أكثر الشعوب الغربية غير أنّها - أي النسبة -ارتفعت إلى (70%) خلال خمس سنين. بهذا الصدد نقلت مجلة ( بكينك رفيو) انّ معدل الطلاق يزداد بشدّة.
بريطانيا:
* إنّ معدل الطلاق في المملكة المتحدة يعتبر الأعلى في أوربا الغربية، فهناك واحدة من بين سبع عازبات تتراوح أعمارهن بين (18-49) تعيش مع رجل بصورة غير شرعية.
الولايات المتحدة الأمريكية:
* إنّ نصف حالات الزواج لهذا العام يحتمل أن تنتهي بالطلاق، كما أنّ (60%) من الأطفال الذين ولدوا هذا العام سيقضون جزءاً من طفولتهم مع أُسر أحادية الوالدين، أي مع أب بدون أُم أو أُم بدون أب.
اليابان:
* لقد تضاعفت نسبة الطلاق خلال العشرين سنة السابقة، قبل عام 1947م كان يسمح للرجال أن يهجروا زوجاتهم في الشارع وذلك بترك ملاحظة وجيزة يشيرون فيها إلى الطلاق. أما الآن فانّ (70%) من حالات الطلاق تقدم عليها المرأة.
ونشرت مجلة ( مستشفى اليوم) اللندنية في مقالها الافتتاحي لعدد أبريل 1975م موجزاً عن التقرير السنوي للمسؤول الطّبي في وزارة الصحّة والشؤون الاجتماعية ما ترجمته حرفياً: [ وبالرغم من التوفّر الواسع لحبوب منع الحمل، والاجهاض القانوني فان (86%) من الأطفال يولدون لأمهات غير متزوجات ‍‍‍‍‍‍‍!!].
[ ثمّ أنّ هناك أمراً خطيراً، إذ تبيّن في سنة 1973م وجود حالة حمل واحدة لفتاة عمرها(11) سنة، وست حالات حمل لفتيات عمرهن (12) سنة، كما حملت (38) فتاة وهن في الثالثة عشرة، و(255) فتاة وهن في الرابعة عشرة، وهناك (166) ألف حالة إجهاض قانونية في نفس العام، كما أنّ (50%) من هذا العدد أي (83) ألف حالة إجهاض لنساء غير متزوجات] (18).
إذا توجهنا نحو الشرق، نجد أن التفسخ والتحلل الاجتماعيين في العالم الشيوعي لا يقل بشاعة وفظاعة عمّا هو عليه في العالم الرأسمالي، فقد نقلت مجلة ( انترفيز) في عددها الصادر في نيسان عام 1977م ما يلي:
[إنّ في كل حالتي زواج تحدث حالة طلاق في معظم المدن الروسية الغربية(19).ففي موسكو مثلاً بعد
ولادة الطفل الأول تحدث(49)حالة طلاق من كلّ مائة حالة زواج. وفي منطقة(مافادنسك) نسبة الطلاق(9/72%).
ودعا مؤتمر الأطباء الذي عقُد في جامعة موسكو عام 1975م إلى اتخاذ خطوات مستعجلة لمعالجة هذا الاضطراب الاجتماعي الخطير، وهو نسبة الطلاق المرتفعة، وكذلك انخفاض نسبة الولادة] (20).
وهكذا نشاهد الترابط الاجتماعي والسياسي في النظام الاسلامي يؤثّر في حياة المسلمين، ونستنتج من ذلك ايضاً مدى قدرة نظام الأسرة في الاسلام على الرغم من عدم الالتزام الكامل به على التأثير الايجابي في حياة المسلمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:16

وإذا عدنا إلى تحليل وتقويم العلاقات الجنسية ومكانة المرأة وقيمتها في ظلّ الحضارة الأوربية المادية، فسنستنتج أنّ أثرها لم يقف عند هدم الأسرة وحوادث الطلاق والأبناء غير الشرعيين، والشقاء الأسري والانهيار والقلق النفسي، وتزايد جرائم الأحداث...الخ، بل انّ شرّ هذا الوباء امتدّ ليؤثر على الصحة الجسدية أيضاً لكلّ من الرجل والمرأة، بسبب الفوضى والشذوذ الجنسي البهيمي الذي يمارسه كلا الجنسين في ظلّ هذه الحضارة الجاهلية المنهارة.
وتقارير الأطباء ومعاهد الصحّة والاحصاء تؤكّد ذلك، وتلوّح باشارة الخطر، نقتبس من هذه التقارير:
[ جاء في تقرير للدكتور ( ليربت)، وهو طبيب فرنسي: ( إنّه يموت في فرنسا ثلاثون ألف نسمة بأمراض الزهري المختلفة كلّ عام، ويموت في أمريكا بين ثلاثين وأربعين ألف طفل بمرض الزهري الموروث كلّ سنة)، والجدير بالذكر أنّ هذا المرض سببه انتشار الزنا] (21).
ونقل الاستاذ أبو الأعلى المودوي في كتابه ( الحجاب):
[ فقد قدّروا أنّ (90%) من أهالي القطر الأمريكي مبتلون بهذه الأمراض. ويعلم من دائرة المعارف البريطانية أنّه يعالج في المستشفيّات الرسمية هناك مائة ألف مريض بالزهري، ومائة وستون ألف مصاب بالسيلان البنيّ في كلّ سنة بالمعدّل، وقد اختص بهذه الأمراض الجنسية وحدها ستمائة وخمسون مستشفى،على أنّه يفوق هذه المستشفيّات الرسمية نتائج الأطبّاء غير الرسميين الذين راجعهم (61%) من مرضى الزهري و(89%) من مرضى السيلان.
هذا ويموت في أمريكا بين ثلاثين وأربعين ألف طفل بمرض الزهري الموروث وحده. وأقلّ ما يقدّره المسؤولون في مرض السيلان أنّه قد أصيب به (60%) من النفوس في سنّ الشباب فيهم العزّاب والمتأهّلون، وقد أجمع الماهرون في أمراض النساء على أنّ (75%) من اللاتي تُجرى العملية الجراحيّة على أعضائهن التناسلية يوجدن متأثّرات بمرض السيلان] (22).
هذه صورة مختصرة لعلاقة المرأة بالرجل، وأوضاع الأسرة في ظلّ عدد من الحضارات غير الاسلامية،وخصوصاً الحضارة الأوربية الحديثة التي انساقت نحو الاباحية والفوضى الجنسية، وراحت تفلسف هذه الفوضى وتعطيها تفسيراً علميّاً -كما يدّعي المخطّطون لهذه النظريّات-وكما فعل فرويد وفسّرا الحياة والنشاط البشري كلّه وردّه إلى الدافع الجنسي،فاعتبر السلوك الانساني والحضارة البشرية وما فيها من ألوان الابداع والمآسي والارتفاع والسقوط إن هو إلاّ مظهر من مظاهر التعبير عن دوافع الغريزة الجنسية عند الانسان،وعندما وصل فرويد إلى دراسة وتحليل الأمراض النفسية والعصبية
وردّها إلى الكبت الجنسي نادى بالاباحية الجنسية للتخلّص من الكبت والحالات المرضية كما يزعم.
إلاّ أنّ الحقائق العلمية والأرقام الاحصائية التي سجّلتها معاهد الاحصاء وعيادات الأطبّاء والمصحّات العصبية والنفسية تؤكّد تفاقم أزمة الانسان النفسية وتزايد الاصابة بهذه الأمراض الفتاّكة كلّما ازدادت الفوضى الجنسية.
وانطلاقاً من الفلسفة الماديّة التي تؤمن بها الحضارة الجاهلية الحديثة فقد أُبيحث كلّ الممارسات، وصور التعبير الجنسي مهما توغّلت في الشذوذ والانحراف، حتى أنّ بعض القوانين الأوربية - كالقانون البريطاني مثلاً- أباح اللواط ولم يعتبره مخالفة، أو جريمة يعاقب فاعلها ‍‍‍!!
وهكذا انتهت أوربا بفلسفتها ونظرياتها وممارساتها عن المرأة والجنس إلى كارثة تهدد كيان حضارتها، ونظام الحياة فيها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:16

المرأة ووحدة النوع الانساني

[ يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكُم شُعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكُم عند الله أتقاكُم].(الحجرات/13)
[ يا أيّها النّاسُ اتّقوا ربّكُمُ الّذي خلقكُم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهُما رجالاً كثيراً ونساء واتُقوا الله الّذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكُم رقيباً]. (النساء/1)
من المسلّمات الأساسية التي يجب على الباحث والمفكّر والدارس للاسلام أن يقيم أبحاثه ودراسته عليها هي الالتزام بمنهج توحيدي يقوم على أساس الايمان بالله إيماناً توحيدياً نقّياً يمُكّن الباحث من الربط بين العقيدة من جهة، وبين القوانين والقيم الاسلامية من جهة أخرى، وبدون هذا النهج تصبح الدراسة عقيمة، والأحكام التي يصدرها هذا الباحث أو ذاك قاصرة عن بلوغ الأهداف وتشخيص الحقيقة.
فالايمان بالله الأحد المتّصف بالعلم والقدرة والعدل والحكمة ...الخ؛ يؤثّر تأثيراً مباشراً على الموقف من التشريع والتقنين الصادر عن الله تعالى، لأنّ الايمان بهذه الحقائق يقود إلى الايمان بانعكاس هذه الصفات على التشريع الالهي، والتصديق بعدالته وحكمته، والتسليم بقيامه على أُسس واقعية، فإذا ترسّخت هذه العقيدة ونما هذا المفهوم في تفكير ووعي من يتعامل مع الشريعة الاسلامية يشاهد هذه الصفات؛ العدالة، والحكمة، والعلمية الواقعية، متجسّدة في كلّ حقيقة أتى بها الاسلام، وإذا شئنا تطبيق هذا المبدأ الأساس في البحث والتفكير والتعامل مع الاسلام على القوانين والمفاهيم والتشريعات التي أتى بها الاسلام لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة والأسرة لوجدناها مفاهيم علمية، لا مكان للخرافة والتحجّر والظلم فيها، ونحن نستطيع أن نستنتج هذا المفهوم من المقارنة العلمية بين واقع المرأة في ظلال الاسلام وواقعها المزري في ظلال المفاهيم والقوانين غير الاسلامية - وقد استعرضنا جانباً منها في بحثنا السابق من هذا الكتاب ـ.
ونعود هنا فنؤكّد انّ الاسلام بنى كلّ مفاهيمه، وقيمه، وتشريعاته الخاصّة بالأسرة والمرأة وعلاقتها بالرجل والمجتمع، منطلقاً من قاعدة علمية أساسية وهي الايمان بوحدة النوع الانساني، وانّ المرأة والرجل تجمعهما صفة الانسانية، ولا فرق بينهما في هذه الحقيقة:
[ قو الّذي خلقكُم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها]. (الأعراف/189)
[ يا أيُّها النّاس إنّا خلقناكُم من ذكر وأنثى ]. (الحجرات/13)
[ يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكُم الّذي خلقكُم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهُما رجالاً كثيراً ونساءً ]. (النساء/1)
فالرجل والمرأة في عرف الاسلام يمثّلان سكّتي قطار الحياة.
والاسلام لا يفرّق بين رجل وامرأة من حيث الانسانية، فهما من نفس واحدة، والأكرم منهما هو المتّقي- رجلاً كان أو امرأة - وليس لديه مفاهيم ولا تشريعات خاصّة برجل وأخرى بامرأة، إلاّ بحدود ما يتعلّق بطبيعة النوع في كلّ منهما من الناحية التكوينية والوظيفة الحياتية، لذا فانّ دعوى حقوق المرأة وتحريرها ومساواتها بالرجل في التعليم والسياسة والحقوق المدنية...الخ، تعتبر دعوى غريبة على روح الاسلام، وليس في الاسلام مبدأ حرمان المرأة من حقوقها حتى تطرح مثل هذه الدعاوى، وينادى بتحريرها واعطائها حقوقها.
فالاسلام ثّبت لها حقوقها في اليوم الذي ثّبت فيه للرجل حقوقه، وتعامل مع شطري المجتمع (الرجل والمرأة) تعاملاً إنسانياً على حدّ سواء، فهو بعد أن أقرّ بوحدة النوع الانساني، وسحب الخصائص الانسانية على كلّ من الرجل والمرأة على حدّ سواء؛ جعل تشريعاته وقيمه كلّها قائمة على أساس الايمان بهذا المبدأ (وحدة النوع الانساني)، هذا النوع الذي حظي بتكريم الله سبحانه وعنايته ورأفته.
أمّا ما نسمعه من دعاوى وحوار وصيحات تنطلق من هنا وهناك وصراع محتدم في مجتمعات المسلمين القائمة الآن، فهو صراع بين تيّارين لا علاقة للاسلام بهما، ولا رابطة لهما بالاسلام.
هو صراع بين تيّار إباحي تسلل مع الغزو الحضاري والثقافي الأوربي لعالمنا الاسلامي من جهة، وبين تيّار متخلّف يلتزم بعادات وتقاليد وضعيّة اجتماعية خلقتها ظروف البيئة والتخلّف عبر القرون عن المرأة وعلاقتها بالرجل والمجتمع والحياة من جهة أخرى، ولا ارتباط لها بمفاهيمه وأفكاره، بل هي وليدة تخلّف المسلمين وظاهرة تدلّ عل غياب العلاقات والمفاهيم الاسلامية.
لذلك يجب الفصل بين وضع المرأة في الشعوب والبلدان الاسلامية وبين وضعها في الشريعة والمبادئ والقيم الاسلامية.
ولا يصح تحميل الاسلام - كشريعة وقانون - مسؤولية تخلّف المسلمين، ولا يجوز الحكم عليه - في أيّ موقع من مواقعه- بالصورة الاجتماعية المتخلّفة التي يعيشها المسلمون بعد ان ابتعدوا عنه، وعزلوه عن ميدان العمل والتطبيق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:17

الاسلام يكرم المرأة

تتمتّع المرأة في الاسلام - فضلاً عن حقوقها القانونية والمدنية- بمزيد من الرعاية والحب والحنان في المجتمع الاسلامي، فهي في رأي الاسلام حريّة بأن تُمنح هذا العطف، وتغمر بهذه المشاعر، اليست هي الأم الحنون؟ أو الزوج الحبيب؟ أو البنت العطوف؟ وانّ أصدق من يترجم هذه الحقيقة، ويعبّر عنها هو القرآن الحكيم والسنة النبويّة المطهّرة:
[ ووصّينا الإنسان بوالديه حملته اُّمّهُ وهناً (23) على وهن وفصالُهُ في عامين أن اشكُر لي ولوالديك إليّ المصير]. (لقمان/14)
[ وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهمُا وصاحبُهما في الدنيا معروفاً واتبّع سبيل من أناب اليّ ثُمّ إليّ مرجعكُم فأبنئُكُم بما كُنتُم تعملون]. (لقمان/15)
[ ووصّينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته أُمّهُ كُرهاً (24) ووضعتهُ كرهاً وحملُه وفصالهُ ثلاثون شهراً حتّى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنةً قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك ألتي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاهُ وأصبح لي في ذُريتي إني تبتُ إليك وإني من الُمسلمين]. (الاحقان/15)
[ وقضى ربّك ألا تعبدوُا إلا إيّاهُ وبالوالدين إحساناً إمّا يبلُغن عندك الكبر احدُهما أو كلاهما فلا تقُل لهُما أُف ولا تنهرهما وقُل لهُما قولاً كريماً * واخفض لهُما جناح الذلّ (25) من الرحمة وقًل ربّ ارحمهُما كما ربياني صغيراً]. (الإسراء/23-24)
[ ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون]. (الروم/21)
[ وعاشروهُن بالمعروف].(النساء/19)
[ ولهُنّ مثلُ الذي عليهنّ بالمعروف]. (البقرة/228)
[ فأمسكوهنّ بمعروف أو سرّحوهُنّ بمعروف]. (البقرة/231)
وفي السنّة النبويّة تجد للمرأة قيمة وموقعاً سامياً كما هي مكانتها في القرآن الحكيم. فالسنّة عندما تتحدّث عن المرأة وتبين موقعها الاجتماعي، تحيطها بإطار من الحبّ والتكريم والعناية، خصوصاً عندما تتحدّث عن الأُم والزوّجة والبنت.
فهذا رسول الله (ص) وهو يخطب في المسلمين في حجّة الوداع ويثّبت لهم ما يخشى ويخاف ضياعه من بعده، ويجعل قضية المرأة إحدى هذه القضايا الهامّة فيوصي بها قائلاً: ((فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهنً خيرا)) (26).
وها هو يؤكّد في موقع آخر قرب المرأة من نفسه، ومكانتها في حياته، فقد روى عنه حفيده الامام جعفر بن محمد الصادق، قال (ع): (( قال رسول الله " صلى الله وآله وسلم" : ( من أخلاق الأنبياء حب النساء)) (27).
وروي عنه (ع) أيضاً أنّه قال: ((ما أظن رجلاً يزداد في الايمان خيراً إلاّ ازداد حباً للنساء)) (28).
وجاء رجل إلى الامام الصادق (ع) فقال: [ان صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوّج، فقال له: (( انظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرّك، فان كنت لابدّ فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق))].
وجاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال: [ يا رسول الله من أبرّ؟ قال: ((أمّك))، قال: ثّم من؟ قال: (( أمّك))، قال: ثّم من، قال: ((أمّك))، قال ثّم من؟ قال: ((أباك))] (29).
وعن الامام الصادق(ع)Sad(قال رسول الله (ص): من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنّة، فقيل: يا رسول الله واثنتين؟ فقال: واثنتين، فقيل: يا رسول الله وواحدة؟ فقال: وواحدة))(30).
وجاء عن الامام أبي الحسن الرضا (ع) انه قال:
[ قال رسول الله (ص): ((انّ الله تبارك وتعالى على الاناث أرأف منه على الذكور، وما من رجل يدخل فرحة على امرأة بينه وبينها حرمة إلاّ فرّحه الله يوم القيامة))] (31).
وعن الامام الصادق (ع): انّه قال: ((البنون نعيم، والبنات حسنات، والله يسأل عن النعيم ويثيب على الحسنات)) (32).
هذه اضمامة من النصوص والمفاهيم الاسلامية تتحدّث عن المرأة وتدعو إلى تكريمها وغمرها بمشاعر الحبّ والحنان والرعاية بشكل لم تحظ به في أيّة حضارة أو مبادئ، أو مجتمع.
وليس غريباً على روح الاسلام هذا الذي عرضناه، وتحدّثنا عنه من مواقف ومفاهيم وقيم، فالاسلام جاء لحفظ الحقوق وتكريم الانسان وبسط أجنحة الرحمة على كلّ ربوع الأرض: ( وما أرسلناك إلاّ رحمةً للعالمين). (الانبياء/107)
لذلك وجدناه-فيما عرضنا من نصوص،يتحدّث عن المرأة الأُم والزوجة والبنت والأُخت،وكلّ امرأة- يعطي المرأةهذه المكانة والعناية،ويؤكّد أنّها شقيقة الرجل،وانّها الحريّة بالمودّة والرحمة والاحسان،فهو يوصي بالانثى قبل أن يوصي بالذكر،ويعتبر حبّ المرأة مظهراً من مظاهر الايمان،وليس هذا وحسب، بل ارتفع بهذا الحبّ فجعله من خلق النبيين، وان المرأة هي أمينة الرجل على ماله ودينه وسرّه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:17

حقوق المرأة الاجتماعية:

وانطلاقاً من هذه المبادئ، فقد أعطى الاسلام المرأة حقوقاً متساوية مع الرجل، إلاّ ما كان مرتبطاً منها بطبيعة التكوين الجسدي والنفسي والجنسي أو الموقع الاجتماعي.
فقد أعطى الاسلام المرأة:
1- حقّ التعلّم: بل جعله واجباً عليها كما هي حال الرجل تماماً، فقد جاء في الحديث الشريف: ((طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة)).
2- حقّ العمل: وكما أعطى الرجل هذا الحقّ، فانّه أعطى المرأة حقّ العمل أيضاً؛ فلا شيء من الأعمال المباحة شرعاً محرّم عليها ومباح للرجل، إذ لم يرد في الشرع أن هناك عملاً محرّماً على المرأة ومباحاً للرجل، فالاسلام لا يفرّق في تشريعه - وكما هو معلوم - بين رجل وامرأة، غير أن المرأة المتزوّجة ليس لها أن تعمل إلاّ بموافقة زوجها، فحقوق الزوجية ونظام الأسرة يتطلّب من المرأة الحفاظ على الحياة العائلية، والاهتمام بواجبات الزوجية.
3- الحقوق السياسية: وأعطيت المرأة هذا الحق كاملاً، عدا أنها لا تشغل منصب رئيس الدولة، ولا تتولّى القضاء، وإلا فهي تساهم في اختيار رئيس الدولة وممثّلي الامّة، وتشارك في النشاط السياسي والاجتماعي، كما يساهم الرجل، فلها أن تساهم في المؤسسات والمنظّمات والأحزاب، ولها أن تشغل المناصب الوزاريّة والبرلمانية والسياسية المختلفة.
ويحدّثنا القرآن الكريم عن بيعة النساء المسلمات لرسول الله (ص)، ويشهد التاريخ الاسلامي بذلك، انّ النساء بايعن رسول الله (ص) وخلفاءه من بعده:
(يا أيها النبي إذا جاءك المؤمناتُ يبٌايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلٌن أولادهن ولا يأتين ببُهتان يفترينه بين أيديهنّ وأرجُلهن ولا يعصينك في معروف فبايعُهنّ واستغفر لهّن الله إن الله غفور رحيم).(الممتحنة/12)
بل البيعة واجبة على المرأة كما هي واجبة على الرجل،وهي الاقرار بالولاية الشرعية لرئيس الأمّة وإمامها.
4- الحقوق المدنية: أعطى الاسلام المرأة حقّها القانوني كاملاً - كالرجل تماماً - فلها أن تملك، وتبيع، وتشتري، وتهب، وتعقد العقود...الخ.
فالمرأة- في عرف الاسلام-تتمتّع بشخصيّة قانونية مستقلّة، وذمّة قائمة بذاتها،مستقلّة عن الأب والزوج وغيرهما،وهكذا أعطى الاسلام المرأة كامل حقوقها،وعاملها كما يعامل الرجل في هذه النواحي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:18


المـرأة والأسـرة

في البحث السابق تحدّثنا عن مكانة المرأة وقيمتها الانسانية والاجتماعية، وعن مشاعر ذوي العلاقة من الرجال بها، وعلاقتهم النفسية والسلوكية بشكل عام معها.
ونعود هنا فنتحدّث عن ( المرأة والأسرة)؛ فالمرأة في عرف الاسلام هي قاعدة الأسرة، وحجر الزاوية في بنائها، والقلب الحبيب الذي يفيض بمشاعر الوّد والرحمة والسكينة عليها:
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكُم مودّة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). (الروم/21)
فهي مصدر السكينة والطمأنينة والاستقرار النفسي بالنسبة للرجل، وهي مركز الاجتماع والالتقاء الذي يحمي الإبناء من الضياع والتشريد، وهي منبع الحنان والودّ والرحمة لكلّ من الزوج والأنباء لذا كانت الأسرة ضرورة نفسية واجتماعية وقانونية وتنظيمية، لأنّها الوحدة البنائية، واللبنة الأساسية في بناء المجتمع والدولة والحياة الانسانية.
وكلّما صلحت الأسرة وقوي بناؤها وأحكمت أواصر العلاقة بين أفرادها كلّما كان المجتمع سليماً، والحياة نظيفه خالية من الجريمة والتعاسة والشقاء النفسي، والعكس صحيح تماماً، فكلّما انهارت الأسرة، وتقطعت الأواصر بين أفرادها، كلّما حلّ التشردّ والضياع، والاحساس بالوحشة والغربة
والكآبة، وفقد الانسان عبقات الحبّ، وغاب من دنياه الاحساس بالعطف والحنان، وكلّ الدراسات النفسية والاحصاءات العلمية تؤيدّ هذه الحقيقة، وتؤكّد أن سبب الضياع والجريمة وانهيار الشخصية عند الكبار يعود بشكل أساس إلى التعاسة التي عاناها الطفل في ظلّ الأسرة، أو عندما عانى التشرّد وفقدان الحنان ورعاية الأبوين.
من هنا كانت الأسرة ضرورة اجتماعية ونفسية وغريزية وتنظيمية، واقتصادية، ومؤسسة تربوية، وليست ظاهرة اقتصادية كما تدّعي الماركسية ( الشيوعية)، التي نادت بالاباحية، وهدم الزواج الشرعي، وتدمير الأسرة، وبررت هذا الهدم وهذه الاباحية بفلسفتها التي فسّرت بها التاريخ ونشأة المجتمع والأسرة، فادّعت أن المرأة لجأت إلى الرجل بدافع اقتصادي، إذ كانت المرأة ضعيفة لا تقوى على الصيد ومصارعة الطبيعة القاسية، عندما كان الانسان يعايش هذه الحياة، لذلك لجأت إلى الرجل لتعيش معه، مقابل توفير حاجاتها المعاشية وحمايتها‍! أمّا في العصر الحاضر وبعد أن أصبح بإمكان المرأة أن توفّر حاجاتها المعاشية بنفسها، فلا حاجة للاسرة، ولا ضرورة للزواج، وبإمكان كلّ من الرجل والمرأة أن يشبع غريزيه الجنسية من الآخر بعيداً عن مستلزمات الأسرة وشروط الزواج - تماماً- كما تشبع الحيوانات الأخرى غرائزها الجنسية !!!
وتعتبر الشيوعية هدم الأسرة ضرورة من ضرورات الانتقال إلى المجتمع الشيوعي، الذي يقوم على أساس هدم الدولة والدين والاسرة والملكية الخاصّة والعودة الى الاباحية، والمشاعية في النساء والممتلكات، كما كانت في بداية ما قبل الحياة الاجتماعية كما تدّعي، وقد جاءت هذه الدعوة صريحة في البيان الشيوعي الذي أصدوه ( ماركس وأنجلس) زعيما الشيوعية، ومؤسسا النظرية:
[ هدم العائلة! حتّى أشدّ الراديكاليين تطرّفاً تسخطهم نيّة الشيوعيين هذه، الفاضحة المرذولة، ولكن على أيّة قاعدة ترتكز العائلة البرجوازيّة في الوقت الحاضر؟ انّها ترتكز على رأس المال والربح الفردي، وهي بكامل كيانها وتمام بنيانها ليست وموجودة إلاّ عند البرجوازية فقط. ولكن تتمتها هي الالغاء القسري للعائلة بالنسبة للبروليتاري (33) ثم البغاء العلني. إن العائلة البرجوزاية تضمحلّ طبعاً باضمحلال تتمتها هذه، وكلتاهما: العائلة البرجوزاية وتتمتها تتلاشيان بتلاشي رأس المال.
أتأخذون علينا اننّا نريد القضاء على استثمار الأبناء من قبل أهلهم وذويهم؟إن كان كذلك فنحن نعترف بهذه الجريمة!!وتزعمون أننا نحطّم أقدس الأواصر والصّلات بابدالنا التربية في العائلة بالتربية في المجتمع] (34).
فها هما ماركس وأنجلس صريحان في الدعوة الى هدم العائلة وقطع الصّلات الأبويّة بين الأبناء وآبائهم، وتدمير صلات الرحم والقرابة بسبب الاباحيّة وانعدام العلاقة الزوجية المشروعة، وتحميل المجتمع- أي مؤسسات الدولة- تربية الطفل بعد أن تلقي به أمّه بلا أب شرعي معروف.
وبسبب من هذا الفهم الخرافي، والتصوّر المخالف لنظام الفطرة وقانون الحياة، فشلت الشيوعية في العالم، وبدأت تتراجع، وتنكمش، وبدأت الدول التي تنادي بتطبيق النظرية- الدول الاشتراكية: الصّين وروسيا والدول الاشتراكية التابعة- تواجه المشاكل والصعوبات عندما أرادت التطبيق، فقد اصطدمت بالرفض والمقاومة ولم تستطع كلّ وسائل الارهاب والدكتاتوريّة إرغام الشعوب الواقعة تحت السيطرة الشيوعية على قبول هذه المبادئ الخرافيّة وتنفيذها.
وليست الشيوعية وحدها هي التي دعت إلى الاباحية الجنسية، بل وفي الحضارة المادّية الرأسمالية نشأت فلسفات تحمل نفس الفلسفة والمفهوم الجاهلي عن الجنس والمرأة والزواج مع اختلاف في كيفيّة التفسير، فبدلاً من التفسير الاقتصادي الذي قدّمته الماركسية لتفسّر به نشوء الأسرة والعلاقة الزوجية وسائر نشاطات الانسان الأخرى، قدّم فرويد- هو من أبرز علماء النفس في الحضارة الرأسمالية- تفسيره الجنسي لنشوء الأسرة والمجتع النشاط الانساني بأسره.
وانتهت النظريّتان إلى النتيجة ذاتها، رغم اختلاف المنطلق، وقبح التفسير.
فهذا فرويد يرى أنّ غريزة الجنس هي الدافع الوحيد لبناء الأسرة، والضرورة الوحيدة لتكوين العلاقة
بين الرجل والمرأة (35).
وليست هذه النظرية هي الدعوة الوحيدة للاباحية الجنسية في الحضارة الرأسمالية، بل وهناك دعوات ونظريات ماديّة إباحية تدعو إلى نفس الفلسفة والأفكار.
لذلك نشاهد الاتجاه في هذه الحضارة يسير نحو الاباحية وهدم الأسرة وفكّ روابطها، والاكتفاء بالاشباع الجنسي بأيّة طريقة كانت، ولو عن طريق اللواط أو الحيوانات والوسائل الصناعيّة . وقد مرّت علينا آنفاً أرقام وإحصائيات تشهد بذلك.
أمّا الاسلام العظيم فيرى الأسرة هي خليّة البناء الأساسية في هيكل المجتمع، وانّها تقوم على اُسس فطرية تكوينية، ونظام متقن، فهي حاجة لا يستغني الفرد والمجتمع عنها، وان هدم العائلة معناه هدم القانون الطبيعي للحياة الاجتماعية.
فالانسان بطبيعته يحتاج إلى الأنس بالآخرين والاجتماع معهم، وإن بين الرجل والمرأة عملية تكامل نفسي، هي غير الاشباع الغريزي، يُسبّب فقدُها الشعور بالوحشة، والاحساس بالقلق والتوتّر والألم النفسي، عند كلّ واحد منهما، ولا يمكن التعبير عن هذه المشاعر، مشاعر الحبّ والشوق إلى الجنس الآخر، والتخلّص من الآثار النفسية المؤلمة عن طريق الاشباع الغريزي وحده، كما تصوّر المفاهيم المادية والنظريات الاباحية ذلك.
وقد صوّر القرآن الكريم هذه الأسس النفسية، والدواعي الفطرية لبناء الأسرة بقوله:
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكُم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).(الروم/21)
(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها). (الأعراف/189)
لذلك نشاهد كلّ دعوات هدم العائلة، والتركيز على الجانب الغريزي قد تراجعت إلى الوراء، وسجلت فشلها لتشهد بعظمة القانون الإلهي، وتفاهة الاتجاهات الجاهلية المعاكسة.
فالشيوعية التي كانت تعتبر العائلة مظهراً من مظاهر المجتمع البرجوازي، ونادت بهدمها وكرّست لذلك كلّ جهودها، اضطرّت إلى التراجع والاقرار بالأسرة.
وفي ألمانيا وإيطاليا سعى كل من هتلر، وموسوليني، لوضع جوائز تشجيعية للمرأة التي تترك العمل وتعود إلى العناية بالأسرة.وفي دول كثيرة من العالم الأوربي والأمريكي والشيوعي بدأت المرأة تشعر بالمرارة من نظام الحياة المفروض عليها، وترعب في الحياة الأسرية، والعيش مع الزوج والأبناء تحت شجرة الحنان والاستقرار الوارفة.
ولعلّ من المفيد هنا أن نسجلّ نماذج من هذا الاتجاه كما ورد في بعض التقارير التي سجّلتها الدوائر المختصّة، ونذكر منها ما جاء في أحد التقارير:[ ففي ألمانيا تعمل أكثر من مليون أم خارج البيت، وكانت نتيجة الاستفتاء العام الذي وجّة إليهن أن (72%) منهنّ مصابات بالعصاب، وحالات الضعف العام واختلال الدورة الدموية والأمراض القلبية، و(69%) منهنّ عندما يرجعن الى البيت ليلاً لا يستطعن أن يقمن بأي عمل، من شدّة الارهاق والتعب الذي يصيبهن في ساعات العمل، فيذهبن الى فراشهن للنوم، و(43%) من الأمهات اللواتي وجه إليهنّ السؤال كنّ قد راجعن الأطبّاء للعلاج في ذلك العام] (36).وجاء في تقارير أُخرى تؤكّد شعور المرأة بالحاجة إلى الأسرة،والرغبة في الحياة الزوجية والاستمتاع بنعيمها،بعد أن قاست آلام الابتعاد عن الأسرة،وذاقت شقاء الوحشة والحرمان من حبّ الزوجية،وحنان الأمومة،ودعة الحياة في ظلّ الأسرة السعيدة:[انزعجت السلطات التعليمية في اسكوتلاندا بسبب موجة الزواج التي تعصف بالمدرّسات،فقد تبيّن أنّه خلال عام1960عينّت(1563)مدرسّة في اسكوتلاندا، وفي نهاية العام الدراسي تركت(1000)منهن الوظيفة للزواج،وقالت السلطات انّ الزواج يهدد النظام المدرسي] (37).
[ وكانت نتيجة الاستفتاء الذي قام به معهد ( غالوب) في أمريكا بين النساء العاملات: أن المرأة متعبة الآن وتفضّل (65%) من نساء أمريكا العودة الى منازلهنّ، كانت المرأة تتوهّم أنّها بلغت أمنيتها، أمّا اليوم وقد أدمت عثرات الطريق قدمها واستنزفت الجهود قواها، فانّها تودّ الرجوع إلى عشّها، والتفرّغ لاحتضان فراخها] (38).
لذلك دعا الاسلام إلى الزواج وبناء الاسرة، واهتم بتقوية روابطها، وتمتين بنائها، لأنها المحيط الطبيعي لسعادة الفرد، ومستقرّ راحته ومصدر سعادته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:19

منهج الاسلام في بناء الأسرة

من دراستنا لرأي الشريعة الاسلامية، وتحليل أفكارها وأحكامها وقيمها الخاصّة ببناء وتنظيم هذا المشروع الحضاري الضخم (الأسرة) نستطيع أن نصنّف خطواته إلى خطوتين أساسيّتين هما:
1ـ الدعوة إلى بناء الأسرة.
2ـ تنظيم الرّوابط الأسرية.
واكمالاً لأهداف البحث فلنتناول كلّ خطوة من هاتين الخطوتين بشيء من البيان والتوضيح:

الدعوة إلى بناء الأسرة

(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). (الروم/21)
(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها). (الإعراف/189)
(فانكحوا ما طاب (39) لكم من النساء).(النساء/3)
من استقرائنا لاستعمالات اللغة العربية لكلمة زوج وزواج، ونكاح، نستطيع أن نفهم المداليل النفسية والروحية والاجتماعية والعضوية التي تضمّنها مفهوم الزواج في الشريعة الاسلامية، وندرك سبب استعمال القرآن لكلمة (زوج) كاسم للمرأة والرجل المقترنين بعلاقة شرعية، واستعماله لكلمة (نكاح) كاسم ( لعملية الاقتران، وعلاقة الاستمتاع الشرعية بين الزوجين).
ففي لغة العرب يقال: ( زوّج الشيء بالشيء قرنه به، وزاوجه خالطه وقارنه).
ويقال: ( نكح المطر الأرض: اختلط بثراها).
و( تناكحت الأشجار: إنضمّ بعضها إلى بعض).
وبالعودة ثانية الى قواميس اللغة والبحث عن معنى المخالطة، المنطوي مفهومه في ضمير كلا الكلمتين ( زوج ونكاح) نجد أن:معنى ( خلط الشيء بالشيء ضمّه إليه، ومزجه به، وخالطه مازجه وداخله).
وبالوقوف على معتى ( قرن) الذي انطوت عليه كلمة (زوّج) نجد أن المقصود به هو الربط والوصل. ففي قواميس اللغة ( قرن الشيء بالشيء ربطه ووصله به).
وهكذا يوصلنا الفهم اللغوي لمعنى ( الزواج والنكاح) المستعمل في مصطلح الشرع الى اكتشاف المضامين الانسانية الكبرى التي تنطوي عليها العلاقة بين الرجل والمرأة في عرف الاسلام ومفهومه وهي: ( الضّم، المزح،الربط، الوصل).
واذن فعمليّة الزواج في عرف الاسلام ومفهومه هي: عمليّة تفاعل، وتمازج، وارتباط نفسي وروحي، وضّم الفردين ( الرجل والمرأة بعضهما الى بعض) ليصبحا زوجاً.
فالزوج في اللغة: الفرد الذي له قرين يشاكله، ولولا هذا القرين لبقي كل واحد منهما فرداً لا يملك الزوج المُشاكل لنوعه في هذا الوجود، ولظّل يشعر بالفراع وآلام البعد عن زوجه، ولبقي يبحث ويعشق بصورة فطرية الانضمام الى ذلك الزوج الذي يخرجه من سجن الفرديّة الموحش، ويملأ فراغات الحبّ والحنان والشوق في نفسه.وقد رسم القرآن الكريم لوحة الحبّ، والعلاقة بين الزوجين، بأداء الفظي جميل وبأسلوب معبّر عن الحقيقة الانسانية المنطوية في هذه العلاقة:
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).(الروم/21)
فصورّها علاقة ( سكن) و(ودّ) و(رحمة)، وجعل السكن هو الطمأنينة والاستقرار الذي يفتقر إليه الفرد- الرجل والمرأة- عندما يكون بعيداً عن زوجه، لذا فهو لا ينعم بسعادة الودّ والحبّ والحنان والشفقة، إلا في ظلاله، والا بالانضمام اليه، والاقتران به، من ذلك نفهم أن الزوجية في عرف القرآن: ليست رقماً رياضياً يتكون من ضم الرجل الى المرأة، بل هي عملية حذف الفردية، بمعناها النفسي والعضوي، وبهدفها النوعي والاجتماعي، بالالتقاء والتكامل الفطري بين الزوجين، لتتمازج وتتفاعل وتتواصل وترتبط كل الوشائج والاحاسيس النفسية والبيولوجية ليتم التكامل النفسي والبيولوجي بينهما، فتعود الانسانية المنشطرة بينهما الى وحدتها الائتلافية في شخصيتهما، ليكونا أساساً لاستمرار البقاء وتوالد النوع البشري، فالانسانية التي تنمو وتخصب وتمارس نشاطها هي الكل المتكامل من ائتلافهما وارتباطهما، وبدون ذلك تبقى الانسانية مبعثرة لا تستطيع ان تواصل البقاء:
(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلمّا تغشّاها حملت حملاً خفيفاً فمرت به فلمّا أثقلت دعوا الله ربهّما لئن آتيتنا صالحاً لنكوننّ من الشاكرين).(الأعراف/189)
لذا كانت دعوة الاسلام الى الزواج وبناء الاسرة هي دعوة تشريعية وحضارية للحفاظ على الاهداف الطبيعية والاجتماعية للحياة البشرية.
والذي يتابع الدعوة الى الزواج في الاسلام، ويستقرئ نصوصها ومفاهيمها يدرك أهمية هذه العلاقة الانسانية وعناية الاسلام بها، ويكشف أهميتها وقدسيتها في الحياة.
فقد تناول القرآن في آيات كثيرة علاقة المرأة بالرجل وفسّر العلاقة بينهما، ووضّح الحقوق والواجبات لكلّ منهما، وقد ورد هذا الحديث في أكثر من ثمانين آية تحدّثت عن الزوجية والنكاح والتمتع وحبّ النساء والعلاقة بهنّ...الخ.
والقرآن عندما يتحدّث عن الزواج والزوجية، يعتبر العلاقة الزوجية علاقة كونية عامّة تسري على الوجود بأسره، وتشمل كل شيء في هذا الكون، ذرّاته ونباته، وحيوانه وإنسانه... الخ، على أساس علاقة الجذب والشوق والارتباط بين كلّ زوج في هذا الوجود، لاكمال نظامه، وحفظ مسيرته.
(ومن كلّ شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون).(الذاريات/49)
ليفهم كل من المرأة والرجل علاقته بزوجه على أساس وعي كوني عام، يتخطّى حدود اللذة والحس الغريزي العابر الى الفهم الزوجي والقانوني العام للعلاقة الزوجية.
وإذا انتقلنا من القرآن الحكيم الى السنةّ المطهّرة، فسنجدها حافلة بالبيان والحديث عن مختلف جوانب الزوجية، وعلاقة الزوجين، حتّى ما يدور بينهما في الخلوة، ولحظات الاستمتاع والتقارب الجنسي.
ولنتناول في موضوعنا هذا شواهد من السنة ترتبط بالزواج وبناء الأسرة، فنذكر منها:
روي عن الامام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام) أنّه قال: ((قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (تزوّجوا وزوّجوا، ألا فمن حظّ امرئ مسلم انفاق قيمة أيّمة (40)،وما من شيء أحب إلى الله عزّ وجلّ من بيت يعمر في الاسلام بالنكاح، وما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من بيت يخرّب في الاسلام بالفرقة) )). (41).
ثمّ أوضح الامام الصادق (ع) معقباً على هذا الحديث بقوله: ((انّ الله عزّ وجلّ انّما وكد في الطّلاق وكرر فيه القول من بغضه الفرقة (42)). (43).
وروي عن أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب (ع) أنّه قال: ((قال رسول الله (ص):
( من أحب أن يتّبع سنّتي فانّ من سنّتي التزويج) )). (44).
وروى الصادق (ع) عن آبائه عن رسول الله (ص): [ رذال موتاكم العزاب] (45).
وروي: [ من تزوّج أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر](46).
وروي عن الامام الصادق (ع)، أنّه قال: [ إنّ امرأة عثمان بن مظعون - الصحابي الجليل- جاءت رسول الله (ص)، فقالت: يا رسول الله إنّ عثمان يصوم النهار ويقوم اللّيل، فخرج رسول الله (ص) مغضباً يحمل نعليه حتّى جاء الى عثمان، فوجده يصلّي، فانصرف عثمان حين رأى رسول الله (ص) فقال له: يا عثمان لم يرسلني الله تعالى بالرهبانية، ولكن بعثني بالحنيفية السهلة السمحة، أصوم وأصلّي وألمس اهلي (47)، فمن أحبّ فطرتي فليستنّ بسنتّي، ومن سنّتي النكاح] (48).
كما حث الاسلام على السعي في التزويج والشفاعة فيه وإرضاء الطرفين، فقد روي عن الامام علي (ع) انّه قال:[ أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتّى يجمع الله بينهما] (49).
وعن الامام الكاظم (ع):[ ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم القيامة، يوم لا ظلّ إلا ظلّه: رجل زوّج أخاه المسلم أو أخدمه أو كتم له سرّاً] (50).
فهذه المنظومة من الأفكار والمفاهيم وقواعد التشريع التي وردت في القرآن الكريم، والسنة الشريفة، حملت إلينا الوضوح الكامل للقيم الانسانية والفهم السليم للزواج، والدعوة إلى بناء الأسرة وتكوينها، لأنهّا عش السعادة وذراع الحبّ، وحجر الحنان الذي يجمع أفراده، ويفيض عليهم أحاسيس الودّ والرحمة من زوج وزوجة، وأبناء وأرحام...الخ.
وهذا البناء الحضاري الشامخ-الاسرة-ليعبّر عن أحاسيس الفطرة،وأشواق النفس،وحاجتها الطبيعيّة للاجتماع والألفة والرعاية في الحياة،لذلك نجد الرسول الحكيم(ص)غضب من هجر عثمان لزوجته، وراح يشرح له موقف الاسلام،ويؤكّد بأنّه ضّد الرهبانية التي تدعو الى هدم الزواج،وتدمير النوع البشري،ومعاداة الفطرة الانسانية ونظم الحياة الطبيعي، ولذلك نجده في هذا الموقف، في مواقف شريعة أخرى يؤكد أن من سنّته وقانون شريعته ( الزواج)، لأن شريعته الالهية السمحاء شريعته حنيفية.
أي بعيدة عن الشذوذ والانحراف، منسّقة مع منطق الوجود الانساني ونظام الفطرة الطبيعي، لذلك اعتبر العزوبة رذيلة، والزواج اكمالاً لنصف الدين، لأنه تنظيم للغرائز والميول والنشاطات والممارسات التي تؤثر في نصف السلوك، سواء في المجال الغريزي أو النفسي أو الاجتماعي، أو الاقتصادي أو الأخلاقي العام...الخ.
ولكي يحقق الاسلام أهدافه بشكل متناسق، وغير متعارض، لجأ الى إزالة العقبات والموانع التي اصطنعها المجتمع البعيد عن مبادئ الايمان، لئلا تصطدم القيم الاجتماعية المختلفة بالقانون الطبيعي للحياة، ولئلا يكون هناك عوارض نفسية، أو اعتبارات اجتماعية تحول دون بناء الأسرة، وإنشاء العلاقات الزوجية، فحطّم كل موانع الطبقية والعنصرية وأمثالهما من الفوارق الجاهلية الأخرى، واستبدلها بقيم انسانية واعتبارات موضوعية مشروعة.كما هذّب نظام المهور وحارب المغالاة فيه لئلا يكون حاجزاً مادّياً،ومانعاً من انتشارواج وإقامة الأسرة.ولننصت للقرآن الحكيم وهو يحدّثنا عن مبادئه وقيمه الانسانية في الزواج:[ وأنكحوا الأيامى منكُم (51) والصالحين من عبادكم (52) وإمائكم (53) إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله واللهُ واسعُ عليمُ* وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهٌم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب(54)مما ملكت(55) أيمانُكُم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحضناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههُن فإن الله بعد إكراههنّ غفور رحيم]. (النور/32-33)
[ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ولأمة مؤمنة خير من مشُركة ولو أعجبتكم ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون الى النار والله يدعو الى الجنة والمغفرة بإذنه ويبينُ آياته للناس لعلهم يتذكرون]. (البقرة/221)
فالآيات واضحة في الحث على الزواج، والدعوة الى الغاء الفوارق الطبقية والمالية ومكافحة البغاء والاباحية.فلا المال ولا الطبقة ولا اللون بل ولا الجمال الحسي يصلح لأن يكون عقبه في طريق الزواج، إنما المقياس هو الصلاح والتقوى وحسن الخلق، فتلك قيم هي الاسلام ومبادئه التي يستمدّها من روحه الانسانية، ونظرته الموضوعية للنوع البشري، وحقيقة النشاط والظواهر الاجتماعية.
والى جانب القرآن الحكيم، قامت السنة النبوية المطهرة بدور بارز في تعميق هذه المفاهيم، وتأكيد تلك القيم نقتبس منها: [ كتب علي بن اسباط الى الامام محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام) في أمر بناته، وانّه لا يجد أحداً مثله، فكتب اليه أبو جعفر (ع): (( فهمت ما ذكرت من أمر بناتك، وأنك لا تجد أحداً مثلك، فلا تنظر في ذلك رحمك الله، فان رسول الله (ص) قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير] (56).
وضرب رسول الله (ص) لذلك مثلاً حيّاً فزوّج زيد بن حارثة - وكان مملوكاً له- زينب بنت جحش بنت عمّته- بنت عمّة رسول الله- وهي من أشرف النساء نسباً، وأكثرهنّ جمالاً، ثمّ تزوّجها رسول الله (ص) بعد أن طلّقها زيد.أن
وزوّج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ضباعه بنت الزبير بن عبد المطلب سيد قريش-وهي بنت عمّ الرسول-من المقداد بن الأسود،وهو لايرقى إليها شرفاً،ولا نسباً وفق الاعتبار الاجتماعي المألوف.وقد جاء حديث الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) شرحاً وتوضيحاً لهذا الموقف حين قال: [ ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) زوّج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلّب، ثمّ قال: إنما زوّجها المقداد لتتضّع المناكح (57)، وليتأسّوا برسول بالله (ص)، ولتعلموا أن أكرمكم عند الله أتقاكم، وكان الزبير أخا عبد الله ( أبي النبي) وأبي طالب لأبيهما وأمّهما] (58).
وأمر رسول الله (ص) زياد بن لبيد من أشراف بني بياضة، ومن وجهاء الانصار ونبلائهم أن يزوّج الذلقاء، ذات الشرف والجمال والمكان الاجتماعي الرفيع، لجويبر الصحابي الفقير، الذي كان يعيش على الصدقات، وسط جمع من الفقراء الغرباء الذين لا أهل لهم ولا مال، في سقيفة بناها لهم رسول الله (ص) تدعى - الصفّة- ليقيموا فيها.وقد بدأت قصة زواج جويبر بحوار جميل لرسول الله (ص) مع هذا الصحابي الجليل حين قال له:[ يا جويبر لو تزوّجت امرأة فعففت بها فرجك، وأعانتك على دنياك وآخرتك، فقال له جويبر: يا رسول الله بأبي أنت وأمي من يرغب فيّ؟ فوالله ما من حسب، ولا نسب، ولا مال ولا جمال، فأيّة امرأة ترغب فيّ؟ فقال رسول الله (ص): يا جويبر أن الله قد وضع بالاسلام من كان في الجاهلية شريفاً، وشرّف بالاسلام من كان في الجاهلية وضيعاً، وأعزّ بالاسلام من كان في الجاهلية ذليلاً، وأذهب بالاسلام من نخوة الجاهلية، وتفاخرها بعشائرها، وباسق أنسابها، فالناس اليوم كلهّم؛ أبيضهم، وأسودهم، وقرشيّهم، وعربيهم، وأعجمّيهم، من آدم، وآدم خلقه الله من طين، وان أحب الناس الى الله عزّ وجلّ يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم ](59)، ثمّ أمره ان يذهب الى زياد
بن لبيد فيطلب يد ابتنه، وحين سمع زياد قول جويبر لم يكد يصدّق وردّه في بادئ الامر، إلا أن ابنته الذلفاء اعترضت على موقف أبيها من طلب رسول الله (ص)، وعلى ردّه لجويبر، فتراجع عن موقفه، وزوّجها من جويبر.وفي حياة أهل البيت وأحفاد رسول الله (ص) وهم أئمة المسلمين، وسادة العرب، تجد التجسيد الحي لهذه المبادئ والتسامي الرفيع نحو تلك القيم.فقد روي عن الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع) حوار رائع، وموقف
عقائدي فذّ، جرى بينه وبين الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي كان يبذل جهده لمقاومة الامام علي بن الحسين (ع)، والنيل من مقامه ومكانته، ومن طريف ما يروى أنه: [ كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة، يكتب إليه بأخبار ما يحدث فيها، وان علي بن الحسين (ع) أعتق جارية، ثمّ تزوّجها، فكتب العين الى عبد الملك، فكتب عبد الملك الى علي بن الحسين (ع): امّا بعد فقد بلغني تزويجك مولاتك، وقد علمت أنّه كان في أكفائك من قريش من تمجّد به في الصهر، وتستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت ولا على ولدك أبقيت، والسلام.
فكتب الامام علي بن الحسين (ع): [ أمّا بعد فقد بلغني كتابك، تعنفني بتزويجي مولاتي وتزعم أنّه كان في نساء قريش من أتمجّد به في الصهر، وأستنجبه في الولد، وأنّه ليس فوق رسول الله (ص) مرتقى في مجد، ولا مستزاد في كرم (60)، وانّما كانت ملك يميني خرجت منّي بأمر ألتمس به ثوابه، ثمّ ارتجعتها على سنّته، ومن كان زكيّا‍ً في دين الله فليس يخلّ به شيء من أمره، وقد رفع الله بالاسلام الخسيسة، وتمم به النقيصة، وأذهب اللؤم، فلا لؤم على امرئ مسلم، انّما اللؤم لؤم الجاهلية، والسلام] (61).
فلمّا قرأ عبد الملك بن مروان الكتاب بهت، وألقاء الى ولده سليمان، وعلم أنّ محاولة النيل من الامام (ع) قد فشلت، فقرأ سليمان الكتاب وقال لأبيه: [ يا أمير المؤمنين لشدّ ما فخر عليك علي بن الحسين (ع)، فقال له عبد الملك: يا بنّي لا تقل ذلك فأنّه ألسن بني هاشم التي تفلق الصخر، وتغرف من بحر، ان عليّ بن الحسين يا بنيّ: يرتفع من حيث يتّضع الناس] (62).
وهكذا أزاح الاسلام أخطر العقبات وأكثرها إعاقة وتعارضاً مع روحه الانسانية، ونظريته الواقعية.
وكما عالج الاسلام هذه العقبة الاجتماعية، واستأصل هذا التصوّر الجاهلي المتخلّف، راح يعالج مشكلة مادّية تساهم هي الأخرى - وبشكل فعّال - في إعاقة الزواج، وتحول دون بناء الأسرة، وهي مشكلة غلاء المهور.فالاسلام بعد أن حدّد مفهومه ونظرته للزواج، وقرر أنّه علاقة كونية، ونظام يمارس الانسان فيه عملية الاختيار والارتباط التشريعي، نظر الى المهر(63) نظرة ثانوية، وارتفع بالعلاقة الزوجية فوق الأرباح والمنافع المادية، فحطّم كلّ المفاهيم التي جعلت المهر ثمناً للمرأة، وصنعت من تكاليف الزواج المادية عقبة في الطريق، وجعل رضى الطرفين- الزوج والزوجة- ركني العلاقة الزوجية، وسبب إنشاء الزواج، وليس المال إلا هبة أو منحة يقع العقد الشرعي عليه، فتذكر وتسمّى عند إنشاء العقد، ولم يحدّد الااسلام مقداراً محدّداً من المال، بل أجاز إنشاء عقد الزواج على أقل مهر ترضى به المرأة، ولو كل درهماً أو أقل من ذلك، كما أجاز الاسلام أن يكون المهر منفعة، كأن يعلّم الزوج زوجته القراءة، أو يحفّظها سورة من القرآن، أو يعلّمها لغة أو مهنة معينّة...الخ.
كل ذلك تيسيراً للزواج، وحذفاً لكل العقبات التي قد تعترضه، وأول هذه العقبات غلاء المهور، الذي صار في مجتمعنا الحاضر سبباً في العزوبة، وعقبة خطرة في طريق الزواج، بعد أن نشأت مفاهيم جاهلية متخلّفة عن المهر وكلفة الزواج، وما يقدمّ للزوجة من مهر وهدايا، وخصوصاً بعد ارتفاع تكاليف الحياة وتحديد دخل الفرد.وكجزء من منهاج الاسلام الذي جاء ليحلّ مشاكل الانسان، ويبني حياته على اليسر والنظام، كجزء من هذا المنهاج جاءت المقاومة الصريحة لغلاء المهور وكراهية الاسلام لها وحثّ المسلمين على تخفيض المهور ليكون بأقلّ قدر ممكن.
فقد روي عن رسول الله (ص) أنّه قال: [ أفضل نساء أمّتي أصبحهنّ وجهاً وأقلّهنّ مهراً] (64).
وروي أيضاً: [ ان من بركة المرأة قلّة مهرها] (65).
وروي أيضاً: [ فأمّا المرأة فشؤمها غلاء مهرها وعسر ولدها] (66).
ولقد كانت فاطمة بنت رسول الله(ص)المثل الأعلى في قلّة المهر ويسر الزواج،فقد تزوّجت الامام علياً (ع)بمهر يسير متواضع،سجّله التاريخ بفخر واعتزاز على الرغم من أن فاطمة هي بنت رسول الله (ص)وسيدة نساء العالمين،وكان بامكان أبيها أن يوفّر لها من المال ما تنافس به نساء القياصرة والأكاسرة،إلا أن هدفه كان أسمى من ذلك، وعظمة فاطمة وزواجها أجّل من المال والأثاث وعرض الحياة الدنيا.
وقد حدّثنا التاريخ وحفظ لنا هذه الصورة الرائعة بكلّ اجلال وعظمة، فقد روى المؤرّخون ان الرسول (ص) حين أراد تزويج الامام علي (ع) من فاطمة ساله: [ هل معك شيء أزوّجك به؟].
فأجاب الامام أنه يملك سيفاً ودرعاً وبعيراً فقط، ثمّ اتّفق مع الرسول (ص) على بيع الدرع، فباعه بأربعمائة وثمانين درهماً ثمّ جاء بالثمن، فسلّمه لرسول الله (ص) فقبل رسول الله المبلغ المتواضع وكلّف جماعة من الرجال والنساء بشراء الجهاز والأثاث والمستلزمات الضرورية للزواج (67).
فكان أهمّها:
1ـ فراشاً من خيش مصر محشوّ بالصوف.
2ـ وسادة من آدم، حشوها من ليف النخيل.
3ـ عباءة خيبرية.
4ـ قربة للماء.
5ـ كيزان خزف.
6ـ جرّتان خرف.
7ـ مطهرة للماء.
8ـ ستر صوف رقيق.
9ـ سريراً مشروطاً.
10ـ حصيراً هجرياً.
11ـ مخضباً من نحاس.
12ـ قعب لبن.
13ـ قميصاً.
14ـ شنّاً للماء.
15ـ منخلاً.
16ـ منشفة.
17ـ رحى.
18ـ قدراً من نحاس.
فكانت هذه صورة البيت الجديد، وتلك كلفته المتواضعة، كلّ ذلك ليضرب رسول الله (ص) المثل الأعلى، ويجسدّ المبادئ حياة وعملاً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:20

1ـ كيف يبدأ البناء:

الأسرة ذلك البناء الانساني الشامخ الذي يقوم على اُسس قانونية وروابط إنسانية، وأخرى غريزية طبيعية، هذا البناء الانساني الخطير مهّد الاسلام لقيامه بخطوات تحضيرية أساسية، واُخرى بنائية، فأمّا التحضيرية فهي:
أ ـ الحثّ على الزواج وتيسيره- كما بيّنا - ولا حاجة بنا لاعادة الحديث.
ب- كيفية الاختيار؛ اختيار الزوج والزوجة، ونظراً لما لهذا الجانب من أثر وخطورة على حياة كل من الزوجين، ومستقبل الأسرة والأبناء لذلك فقد اعتنى به الاسلام عناية فائقة، وثّبت الأسس والمواصفات الأخلاقية والجسدية والسلوكية الحميدة التي حبّب لكّل من الزوجين انتخابها، واختيار الزوج الذي يتمتّع بها، كما دعاه من جهة اُخرى الى كراهية بعض الصفات الذميمة ودعاه الى الابتعاد عن الاقتران بمن كان مصاباً بها.
فقد دعا الاسلام الرجل الى اختيار المرأة العفيفة الودود الولود، ذات الخلق والدين والتربية الصالحة، التي تنتمي الى اسرة عرفت بالشرف والعفّة وحسن الخلق وتتمتّع بشخصية محترمة في أسرتها، وأهلها، والى جانب هذه القيم والمواصفات الانسانية لم يرفض الاسلام العناية بعنصر الجمال، وحسن المظهر، والخصائص الجسدية المحببّة في المرأة، إلا أنّه دعا الى عدم تفضيل هذه الخصائص والصفات على الصفات الأخلاقية والسلوكية، بل جعلها بالمرتبة الثانية من مواصفات الزوج والزوجة الصالحة (68). وتشرق السنّة النبوية بعناوين كثيرة، وتزخر بأحاديث جليلة، تتحدّث عن هذا الجانب الخطير في كل من المرأة والرجل.نذكر منها قول رسول الله الكريم:
[ايّاكم وخضراءالدمن،فقيل:يا رسول اللهما خضراء الدمن؟قال:المرأة الحسناء في منبت السوء](69).
[ إختاروا لنطفكم، فان الخال أحد الضجيعين (70)](71).
[ انكح، وعليك بذات الدين تربت يداك (72)] (73).
[ إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجّة مع زوجها الحصان على غيره، التي تسمع قوله، وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها، ولم تبذل كتبذّل الرجل](74).
وروي عن رسول الله (ص) انّه قال:
[ من تزوج امرأة لمالها وكّله الله إليه، ومن تزوجّها لجمالها رأى فيها ما كره، ومن تزوّجها لدينها جمع الله له ذلك] (75).
وأوضح الامام الصادق (ع) ذلك في حديث آخر:
[ إذا تزوجّها لدينها رزقه الله المال والجمال] (76).
وكما أوضح للرجل المعالم الأساسية لكيفية اختيار الزوجة،حدّد للمرأة كذلك خصائص الزوج وسماته الانسانية:سئل الامام محمدالباقر(ع)عن تزويج المرأة فقال:[قال رسول الله(ص):إذا جاءكم من ترضون
خلقه ودينه فزوّجوه، الا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير].
وقال رسول الله (ص): [ شارب الخمر لا يزوّج إذا خطب] (77).
وكتب الحسين بن بشّار الواسطي للامام علي بن موسى الرضا (ع) يقول: [ ان لي قرابة قد خطب إليّ، وفي خلقه سوء، قال: ( لا تزوّجه أن كان سيئ الخلق] (78).
أمّا الخطوة الثانية من خطوات تكوين الاسرة فهي الخطوة البنائية- بناء الاسرة - وتتّم بانشاء عقد الزواج بين الرجل والمرأة.
وعقد الزواج ( هو اتّفاق بين رجل وامرأة محلّلة، يبيح لكل واحد منهما الاستمتاع بالطرف الآخر).
ولا تنعقد العلاقة الزوجية، ولا يتّم العقد إلا بعد رضى الطرفين - الرجل والمرأة - فرضى الطرفين هما ركنا العقد، وبهما يتقوّم ويكون.
وممّا تجدر الاشارة إليه هنا: هو أن المرأة هي التي تنشئ العقد، أو من يمثّلها، وليس الرجل، فهي التي تزوّج نفسها، فمنها الايجاب ومنه القبول والموافقة - وهي التي تحدّد المهر- مقدار المال الذي يقع عليه عقد الزواج ولها أن تشترط شروطاً إضافية على زوجها غير حقوق الزوجية التي ينصّ عليها القانون الاسلامي، كما للرجل أيضاً أن يشترط شروطاً إضافية على زوجته شريطة أن لا يخالف كلّ واحد منهما مبدأ شرعياً مقررّاً.
ويتّم إنشاء عقد الزواج بالصيغة التالية: تقول المرأة للرجل: زوجتّك نفسي بمهر قدره مائة دينار (مثلاً) فيجيب الرجل من فوره: ( قبلتُ).
فإذا نطقت المرأة أو من يمثّلها بصيغة العقد وأبدى الرجل أو من يمثّله قبوله، تمّ عقُد الزواج بين الرجل والمرأة وقامت العلاقة الزّوجية بينهما، وأبيح لكلّ واحد منهما من الآخر ما كان محرّماً عليه قبل العقد، وشرّع لهما بناء الاسرة والعلاقات الاسرية، لأنّ العقد تعبير كاشف عن إرادة الطرفين، ومترجم عن رضاهما، ورغبتهما في الاقتران والنكاح وبناء الاسرة. وهكذا تكون عملية الزواج عملية رضى وتطابق بين إرادة الرجل والمرأة، ولا ينعقد عقد الزواج ولا تقوم العلاقة الشرعية بينهما بالاكراه، أو بفقدان الارادة والرضى، لأن الزّوجية بمعناها الكوني لا تتحقّق إلا بالتطابق النفسي والارادي بين الرجل والمرأة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:20

2ـ الولي وعقد الزّواج:

أقرّ الشارع المقدس تزويج الأب أو الجد - من طرف الأب- ابنه أو بنته الصغيرين، واعتبر العقد نافذاً، إلا إذا كان ضاراً وغير محقّق للمصلحة، فهما- الابن والبنت- عندئذ مخيرّان بين إقرار زواج الأب أو الجد وبين رفضه، عندما يصلان مرحلة البلوغ والادراك.
أمّا المرأة البالغة الرشيدة فهي إمّا بكر وإمّا ثيّب (79)، فان كانت ثيباً، فليس لأبيها أو جدها ولاية عليها، وهي صاحبة الرأي والاختيار، وأمّا البكر فقد اختلف الفقهاء في دور الأب والجد في تزويجها، واستدلّ كلّ طرف على رأيه بروايات وأحاديث من السنّة:
وباستقراء هذه الآراء ومتابعتها نجدها ثلاثة:
أ ـ فرأي يقول أن للأب والجد، أو وصي احدهما- عند فقد الأب والجد- الولاية على البكر في زواجها، وهذا الرأي يذهب الى أن ولي البكر البالغة الرشيدة (80) له أن يزوّج ابنته من الزوج
الكفء،بغير إذنها وموافقتها،ويعتبرتزويجه صحيحاً،وليس لها أن ترفض،أمّا إذا زوّجها من غير الكفء وراعى في تزويجه مصلحته، أو مصلحة غيره، ولم يراع مصلحتها فتزويجه باطل، ولها أن ترفضه.
ب-وفريق آخر من الفقهاء قال بالتشريك، أي باعتبار إذنهما معاً- الأب والجد- أو وصيّهما، أما البنت فليس من حق الأب أو الجد أن يزوجّها دون أن يستأذنها ويأخذ موافقتها، كما انّه ليس من حقّها ان تزوج نفسها دون أن تحصل على موافقه أبيها، فلا يملك أحدهما المستقل من دون الآخر، بل ان مشروعية تصرفه ترتبط بالطرف الآخر، شريطة ان لا يختار الولي للبنت زوجاً غير كفء، فإن فعل ذلك وأصر على رايه، فلا اعتبار لموافقته وجاز لها أن تزوّج نفسها ولو بغير موافقته.
ج- وذهب فريق ثالث من الفقهاء الى أن البكر البالغة الرشيدة، ليس لأبيها ولا لجدّها أو وصيّهما ولاية عليها وليس لهم حقّ بتزويجها، كما لا يجب عليها أن تستأذن أحداً بزواجها، بل هي التي تملك تزويج نفسها، لأن الزواج وفق هذا الرأي عقد كسائر العقود، وكما تملك المرأة البالغة الرشيدة حقّ انشاء عقود البيع والشراء والتملك، والهبة الخاصة بها، وليس لأحد أن يمنعها، أو يشاركها في إنشاء هذه العقود، فكذلك الحال بالنسبة للزواج، واستدلوا على إثبات ذلك بروايات وأحاديث ذكرت في مواضع الاستدلال والاستنباط.
وبمتابعة مواد الاستنباط والوقوف على آراء الفقهاء نجد أن الفقهاء جميعاً لم يقصدوا مصادرة إرادتها، أو إيقاع الضرر بها، بل قصدوا حماية المرأة من الاندفاع في مرحلة طغيان الغريزة والمراهقة، وتحّكم الدوافع الشهوانية، ووقوع المرأة فريسة لاغراء الرجال وشهواتهم وتحويلها الى سلعة للمتعة والترفيه، لذلك اشترطوا موافقة الأب، أو جعلوا الأمر له ما لم يضرّها بتصرّفه، أو اشترطوا الرشد والقدرة على الادراك السليم لديها.
وخلاصة القول: أن المرأة ملزمة برأي الفقيه الذي تقلّده ( تعتمد عليه في أخذ الأحكام)، وليست ملزمة برأي محدّد.
وهكذا بنى الاسلام الاسرة على اُسس قانونية وأخلاقية متقنة، ليكون البناء محكماً وقويا‌ً، ولتستطيع الاسرة في مجال العلاقة الزوجية أن تؤدي دورها الانساني العظيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:21

تنظيم الروابط الاسرية

إن المهمّة الأساسية التي اضطلع بها الاسلام هي مهمّة تنظيم الحياة الانسانية، وانقاذها من الفوضى والضياع عن طريق القوانين والقيم والأخلاق.
ولمّا كانت الاسرة هي اللبنة الاساسية في بناء المجتمع، وكان تنظيمها، وضبطها، وتقوية بنائها، هو الأساس في بناء النظام، وتصحيح الاتجاه النفسي والأخلاقي في المجتمع، توجّه الاسلام الى الاسرة لينظّمها، ويشيّد القواعد والأسس القانونية والاخلاقية اللازمة لتنظيم وضبط الحياة داخلها، مراعياً ادخال كلّ عنصر نفسي وتنظيمي وغريزي في الصياغة، لذلك فقد نظّم الأسرة على الأسس الآتية:
1- حقوق الزوجة على زوجها.
2- حقوق الزوج على زوجته.
3- حقوق الابناء على آبائهم.
4- حقوق الآباء على أبنائهم.
5- الميراث.
1-


حقوق الزوجة على زوجها:

لكي يبني الاسلام الرابطة بين الزوج وزوجته على أسس واضحة وسليمة، ووفق مبدأ شرعي محدّد ثبّت لنا الأساس التالي:
[ ولُهن مثلُ الذي عليهنّ بالمعروف].(البقرة/228)
فبهذه العلاقة القانونية الرائعة، شاد الاسلام العلاقة بين الزوجين على أساس معادلة دقيقة عادلة، فللمرأة حقّها الشرعي المقدس على زوجها مقابل حقّه الشرعي عليها أيضاً، فالاسلام لم يفرض للرجل حقّه إلا بعد أن فرض للمرأة حقّها:
[ ولّهن مثل الذي عليهنّ بالمعروف].
والذي يتابع العلاقة الزوجية في الاسلام، ويستقرئ كيفية تنظيم الاسلام لها، يلاحظ أن الاسلام في كل تشريع وتوجيه انّما يبني العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة على أساس من الودّ والرحمة والمعروف وحسن المعاشرة ويعتبر ذلك ميثاقاً مقدساً، ومبدأ أساساً.
وكم هو رائع قول الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) وهو يعبر عن هذا الميثاق المقدس بقوله: [ إذا أراد الرّجل أن يتزوّج المرأة، فليقل أقررت بالميثاق الذي أخذ الله: امساك بمعروف أو تسريح باحسان](81). وباستقراء نصوص الشريعة ومفاهيمها وقيمها التي حدّدث حق المرأة على الرجل نستطيع أن نشخّصها كالآتي:
أ-حق النفقة،فللمرأة على زوجها حقّ النفقة،فهو المسؤول عن توفير ما تحتاجه المرأة من طعام ولباس وسكن وعلاج ووسائل للزينة وت تتناسب ووضعها الاجتماعي من جهة،وقدرته المالية من جهة أخرى.
قال رسول الله (ص): [ أيها الناس، إن لنسائكم عليكم حقّاً، ولكم عليهنّ حقّاً، حقكم أن لا يوطئن أحداً فرشكم، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم، والا يأتين بفاحشة، فان فعلن فان الله قد أذن لكم أن تعضلوهنّ، وتهجروهنّ في المضاجع، وتضربوهنّ ضرباً غير مبرح، فاذا انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهنّ وكسوتهن بالمعروف، أخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكتاب الله، فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهن خيراً] (82).
ب-حسن المعاشرة، ومبادلتها الحب والثقة والاحترام:
[ وعاشروهنّ بالمعروف].(النساء/19)
[ فإمساك بمعروف أو تسريح باحسان].(البقرة/229)
[ ومن آياته أن خلق لكمّ من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمةً].(الروم/21)
[ ولُهن مثلُ الذي عليهنّ بالمعروف].(البقرة/228)
وعن الرسول (ص): [ الا خيركم لنسائه، وأنا خيركم لنسائي] (83).
وفي حديث آخر: [ رحم الله عبداً أحسن فيما بينه وبين زوجته، فانّ الله عزّ وجل قد ملّكه ناصيتها، وجعله القيّم عليها] (84).
فالحياة الزوجية هي منبع السعادة، ومصدر الحبّ والحنان، وفي أحضان البيت يجد الانسان راحته واستقراره، وبقرب زوجته يشعر بالطمأنينة والسرور.
وبقدر ما تكون العلاقة وديّة والمعاشرة حسنة بين الزّوجين تكون أجواء الأسرة موحية بالأمن والاستقرار والراحة للزوج والزوجة والأبناء، وكم كان دقيقاً ومؤثراً قول رسول الله (ص) حين قال: [ قول الرجل للمرأة انّي أحبّك لا يذهب من قلبها أبداً] (85).
ويؤكد الاسلام على حسن معاشرة الزوجة، وملء الجانب النفسي والجمالي من حياتها، ومراعاة التوافق الجنسي والاشباع الغريزي بين الزوجين، لتحتلّ كلّ أبعاد العلاقة الزوجية بينهما، بل يؤكّد أكثر من ذلك فيدعو الرجل الى أن يتّخذ كلّ الوسائل والأساليب التي تحبّب إليه زوجته، وتعمل على شدّها نفسياً وغريزياً به، وتدعوه لاشباع كلّ دوافع الرغبة واللذّة في نفسها، عن طريق هذه الوسائل، فالاسلام يدعو الرجل الى الحرص على الجانب الجمالي في شخصه والعمل على جذب المرأة والاستجابة الى رغبتها الجنسية، ومداعبتها، وإثارتها جنسياً للتوافق معها، قبل أن يقدم على الجماع وممارسة العلاقة الغريزية. فالمرأة طرف معادل في اللذّة والاستمتاع الجنسي، وليست وسيلة للاستمتاع والاشباع الغريزي للرجل، فقد جاء في الحديث الشريف:
[كل لهو المؤمن باطل إلا في ثلاث، في تأديبه الفرس،ورميه عن قوسه،وملاعبته امرأته،فانهنّ حق](86).
[ إذا أراد أحدكم أن يأتي زوجته، فلا يعجّلها، فان للنساء حوائج] (87).
[ ثلاثة من الجفاء: أن يصحب الرجل الرجل فلا يسأله عن اسمه وكنيته، وأن يدعى الرجل الى الطعام فلا يجيب، وأن يجيب فلا يأكل، ومواقعة الرجل أهله قبل الملاعبه] (88).
روى الحسن بن الجهم عن الامام علي بن موسى الرضا قال: [ رأيت أبا الحسن اختضب فقلت: جعلت فداك اختضبت؟ فقال: (( نعم، ان التهية ممّا يزيد في عفّة النساء، ولقد تترك النساء العفّة بترك أزواجهن التهية (89) ))، ثمّ قال: (( أيسرك أن تراها على ما تراك عليه إذا كانت على غير تهية))؟ فقلت: لا، قال: (( فهو ذاك))، ثمّ قال: (( من أخلاق الأنبياء التنظّف والتطيب وحلق الشعر وكثرة الطروقة))(90)] (91).
ولعلّنا استطعنا من خلال هذا العرض ان نرسم صورة واضحة عن حسن المعاشرة وحقّ الزّوجة على زوجها، لملء كلّ ابعاد العلاقة المادية والأخلاقية والغريزية والجمالية بينهما.
2-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:21

حقوق الزّوج على زوجته:

ولكي تكتمل معادلة العلاقة بين الرجل والمرأة جعل الاسلام للرجل على المرأة حقاً واضحاً ونكتشف محدّداً، إلا انّه أقل كلفة من حقوق المرأة على الرجل، فحقوقها أكثر كلفة وأوسع نطاقاً.
ومن استقرائنا لنصوص القرآن والسنة النبوية نستطيع أن نكتشف الحقوق الاساسية التي ثّبتها الاسلام للزوج على زوجته، وحدّدها بدقّة ووضوح، قال تعالى:
[ الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهُم على بعض وبما أنفقوا]. (النساء/34)
وجاء في رواية أن امرأة جاءت رسول الله(ص) فقالت: يا رسول الله ما حقّ الزوج على المرأة؟
فقالت(ص):[((أكثر من ذلك))،قالت:فخبرّني عن شيء منه،قالSad( ليس لها ان تصوم ( يعني تطوعاً) إلا بإذنه (92)، ولا تخرج من بيتها بغير إذنه، وعليها أن تتطيب بأطيب طيبها، وتلبس أحسن ثيابا، وتتزيّن بأحسن زينتها، وتعرض نفسها عليه غدوة وعشية، وأكثر من ذلك حقوقه عليها))](93).
وللايضاح والتركيز نصنّف حقوق الزوج على زوجته وندوّنها كالآتي:أ-الحفاظ على بيته وماله وأبنائه: حفاظ رعاية وعناية، فهي غير مسؤولة عن القيام بشؤون المنزل وأعمال البيت كالطبخ والتنظيف...الخ.وهي ايضاً غير مسؤولة عن رضاعة الأطفال وخدمتهم وحضانتهم، الا أن الاسلام حبّب ذلك الى المرأة واعتبره عملاً محبوباً ومقرّباً لله سبحانه، الا ان يشترط الرجل على المرأة عند إنشاء عقد الزواج بينهما فيحمّلها مسؤولية القيام بشؤون المنزل، وتدبير حاجاته وتربية الأبناء.
وفي السنّة النبوية نقرأ حق الرجل هذا على المرأة ضمن قول رسول الله (ص): [ ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها، وتطيعه اذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله] (94).
كما نفرأ من غرر السيرة قضاء رسول الله(ص)بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)وزوجته فاطمة بنت رسول الله(ص)؛فقد جاء عن الامام الصادق(ع)انّه قال:[ تقاضى علي وفاطمة الى رسول الله (ص)في الخدمة(95)،فقضى على فاطمة بخدمتها ما دون الباب وقضى على علي بما خلفه، فقالت
فاطمة: فلا يعلم ما دخلني من السرور إلا الله باكفائي رسول الله تحمّل أرقاب الرجال] (96).
ب-الطّاعة والقوامة: الاسرة مؤسسة اجتماعية خطيرة، وعلى مدى ضبطها وتنظيمها وسلامة بنائها يتوقف بناء المجتمع وسلامته، من هنا كان لابد من وجود مسؤول يتمتع بالطاعة والولاية والقيمومة في الأمرة، ويمارس مهمة التوجيه والقيادة فيها، ويتمتع بالولاية والطاعة، وقد جعل الاسلام هذه الطاعة للزوج، وأعطاه الكلمة النافذة على الزوجة والابناء، كما منحه الولاية على أبنائه الصغار، حتى يتجاوزوا مرحلة الصبا الى مرحلة البلوغ شريطة أن لا يأمر بما يخالف أحكام الشرع وقيمه، فلو أمر بمعصية سقط حقّه، ولا يجوز طاعته.
فقد ورد في الحديث: [ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق].
كل ذلك من أجل صيانة الاسرة، وتوفير الضمانات اللازمة لحمايتها والحفاظ عليها، وقد ثّبت القرآن الكريم هذا الحقّ بقوله: [ الرجالُ قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم]. (النساء/34)
وقول الرسول (ص)، فيما عرضنا من أحاديث آنفة:
[ لا تخرج من بيتها بغير إذنه].
[ وتطيعه إذا أمرها].
ج- حسُن المعاشرة وتوفير جو من الودّ والاستقرار للزوج والابناء، والابتعاد عن كل أسباب القلق والنفور، وتعكير صفو الحياة في العائلة، وذلك بالتجبّب للزوج والتودّد له وملء أجواء البيت بمشاعر الحبّ والجمال والحنان، بحيث لا يرى الزوج في زوجته ولا يسمع منها ما يكره، فان في توفير مثل هذا الجو ابلغ الأثر في حياة الزوج والزوجة والأبناء وسعادتهم العائلية، فكلّما نما الاحساس بالجمال في نفس الانسان، وكلّما اشبعت أحاسيسه ومشاعره بالحب والحنان، اختفت من نفسه أسباب القلق والسآمة، وتوارت دوافع العدوان ومرارة الحقد والنقمة، وبالتالي يكون لهذا الجو العائلي المفعم بالحب والجمال والحنان أثره على سلوك أفراده وعلاقتهم بمجتمعهم، وخصوصاً الأبناء الصغار الذين يعيشون في ظلال هذه الأجواء ويتربّون تحت مظلّة هذه الاسرة السعيدة، بعكس الاسرة الشقيّة التعيسة، التي يعايش فيها الزوج حياة الكراهية والتوتر، والنفور وسوء المعاشرة، فإنّ مثل هذه الأجواء تنعكس على نفس الطفل وتؤدّي الى تعقيده وتعاسته، وربما ألجأته الى التشرّد، والميل الى العدوان والتحلّل.
لذلك تجد الاسلام يوصي المرأة باعتبارها منبع الحبّ، ومستودع الجمال ومصدر الاستقرار والطمأنينة في البيت، يوصيها بأن تحرص على خلق جو عائلي مفعم بهذه الروح والعلاقة:
[جاء رجل الى رسول الله (ص) فقال: ان لي زوجة إذا دخلتُ تلقتني وإذا خرجت شيّعتني، واذا رأتني مهموماً قالت لي: ما يهمّك؟ ان كنت تهتم لرزقك فقد تكفّل به غيرك وان كنت تهتم لأمر آخرتك فزادك الله همّاً، فقال رسول الله (ص): (( ان الله عمالاً، وهذه من عماله، لها نصف أجر والشهيد))](97).
د- حسن التبّعل بتمكينه من نفسها، وتوفير أسباب المتعة والجمال له، والاشباع الغريزي والميل الجنسي في نفسه، عن طريق العناية بالاناقة والزينة، والتودّد وحسن الاستمالة، والاستجابة لرغباته الجنسية، نظراً لما لهذا الجانب من تأثير بالغ الأهمية على جذب الرجل للمرأة، وتوثيق علائق الحب معه والارتباط به، وتوفير الراحة والرضى في نفسه، وقطع الطريق أمام الخيانة الزوجية، والوقوع في شراك الاغراء المحرم.
وقد قرأنا في أحاديث سبقت: [ ان خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها (98)، المتبرّجة مع زوجها، الحصان على غيره (99)، التي تسمع قوله، وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها ولم تبذل كتبذّل الرجل] (100).
[وعليها أن تتطيب بأطيب طيبها،وتلبس أحسن ثيابها،وتتزيّن بأحسن زينتها،وتعرض نفسها عليه غدوة وعشيّة](101).وعن الامام الصادق(ع):[ان امرأة أتت رسول الله لبعض الحاجة فقال لهاSadلعلّك من المسوّفات)،قالت:وما المسوفات يا رسول الله؟قالSadالمرأة التي يدعوها زوجها لبعض الحاجة (102)فلا تزال تسوّفه حتى ينعس زوجها وينام،فتلك لا تزال الملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها)] (103).وقد صاغ القرآن هذا الحقّ-حق الاستمتاع-ولخّصه بقوله:[نساؤكم حرثّ لكم فأتوا حرثكُم أنى شئتم وقدموا لأنفسكُم واتقّوا الله واعلموا أنّكم ملاقوهُ وبشّر المؤمنين].(البقرة/223)
فالقرآن الحكيم يثبت بهذا النص للرجل شتّى ألوان الاستمتاع بالمرأة، كما تستمتع هي الأخرى بهذه العلاقة.وثمة ملاحظة تشريعية واخلاقية دقيقة، ترتبط بهذه الاباحة، وهي وصايا القرآن المثالية:[ وقدموا لأنفُسكم واتقوا الله واعلموا أنّكم ملاقوهُ وبشر المؤمنين].(البقرة /223)
وكل هذه الوصايا جاءت مرتبطة بهذه العلاقة الجنسية، وبرابطة الرجل بالمرأة، ممّا يستفاد منها انّها ذات علاقة بالمرأة، وبكيفية الاستمتاع بها، والاستفادة من هذا الحق، لئلاّ يقع تعسّف أو إحراج أو تضييق على المرأة نتيجة إسراف الرجل، أو تزمّته في استعمال حقّه.
وكما طالب الاسلام المرأة بالعناية بالزينة والتبرّح لزوجها، والتودّد له، حرّم عليها أن تتبذّل أو تتبرّج لغيره، فتلك خطوة نحو الانفصام النفسي، وبادرة شرّ تدفع بالمرأة الى الانحراف والتهتّك والخيانة الزوجية، إضافة الى خلق جوّ من التوتّر وسوء الظنّ والكراهية عند زوجها.
لذلك جاء في الحديث الشريف: [ أيمّا امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حقّ، لم يتقبّل الله منها صلاة حتّى يرضى عنها، وإيمّا امرأة تطّيبت لغير زوجها لم يقبل الله منها صلاة حتّى تغسل من طيبها كغسلها من جنابتها] (104).
3-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:22

حقوق الابناء على آبائهم:

الأبناء ثمرة العلاقة الزوجية، وزينة الحياة، وجمال الأسرة، وبذرة الامتداد والبقاء النوعي للانسان، فالهدف الاساس للزواج والعلاقة الزوجية هو بقاء النوع وخلود الحياة، وإنجاب الأبناء، لذلك جعل الله سبحانه غريزة الأمومة من أقوى الغرائز وأشدّها تأثيراً في حياة الانسان، بعد غريزة حبّ الحياة، لارتباط غريزة الأمومة بحبّ الخلود والبقاء في نفس الانسان، فالابناء يمثلون بالنسبة للآباء امتداداً وجوديّاً لهم يخلف وجودهم ويحفظ بقاءهم. وتعبيراً عن هذه الغريزة الطبيعية، وترجمة لهذا الاحساس الانساني الفطري جاء التشريع الاسلامي بقوانينه وقيمه المنظمة للزواج والعلاقة الأبوية، وتحديد مسؤولية الآباء، وعلاقتهم بأبنائهم.
فجعل لكل واحد منهما واجباً ومسؤولية، وصلاحيات تتناسب ودوره في الأسرة؛ فجعل الأب:
أ ـ مسؤولاً عن النفقة على أبنائه، أو التكفّل بكل احتياجاتهم ما زالوا صغاراً لم يبلغوا، كما ألزم الأب بالنفقة على الأبناء أيضاً حتى بعد بلوغهم إذا كانوا عاجزين عن النفقة لسبب مشروع يقرّه القانون الاسلامي، كالمرض والعجز...الخ. لتستمر العلاقة، وتتوثّق الصّلة ومبدأ التكافل بينهما، فالرابطة المعاشية هي رابطة ذات ابعاد مادّية وأخلاقية مؤثرة في بناء الاسرة والمجتمع، وتوثيق أواصر العلاقة بين أفرادها، وبذا صار الاب مسؤولاً عن تربية أبنائه من حضانة ورضاعة وخدمة...الخ. في مرحلة الطفولة، وأُعفيت الأم من ذلك، فأعطى الاسلام الأم حقّ المطالبة بأجرة الرضاعة والحضانة وتربية الابناء، فالأم غير مسؤولة عن ذلك، الا أنها مسؤولة عن رعايتهم وتربيتهم تربية توجيهية صالحة، فدورها في البيت هو دور المعلم والمربيّ والموجّه.
أما تطوّعها في الخدمة والحضانة والرضاعة فذاك عمل يحبّه الله سبحانه، ويؤجرها عليه، بل ويحثها الاسلام على التطّوع بمثل هذه الاعمال ويدعوها إليها، من غير إلزام ولا إكراه.
ب - والحقّ الثاني للأبناء على آبائهم:هو التربية والتوجيه والعناية،وافاضة روح الحبّ والحنان عليهم.
فالطفل يحتاج الى الرعاية النفسية والحب والحنان الأبوي، كما يحتاج الى الحليب والدواء والثياب، لذلك نجد وصيّة رسول الله (ص) بالأبناء تؤكد هذا الجانب وتحثّ عليه:
[احبوا الصبيان،وارحموهم،وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم،فانهم لا يدرون إلا انّكم ترزقونهم](105).
[ من قبل ولده ولده الله عزّ وجلّ له حسنة، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة، ومن علّمه القرآن دعي بالابوين فيكسيان حلّتين يضيء من نورهما وجوه أهل الجنّة] (106).
[ إن الله ليرحم العبد لشدة حبّه لولده] (107).
وقد ثبت علمياً ان الأطفال الذين يعيشون في أحضان الحبّ والحنان والرعاية الأبوية ينشأون نشأة سوية سليمة، خالية من العقد والأمراض النفسية، ومظاهر الانحلال ووهن الشخصية، كما ثبت علمياً أن للعلاقة الأبوية الطيبّة بالأبناء أثراً إيجابياً على سلوك الأبناء وعلاقتهم بالآخرين، في مرحلة الطفولة والمراهقة والبلوغ، إضافة الى أن الطفل الذي يفقد الحنان ويعايش أجواء الحقد والكرهية، وعدم العناية ينشأ فرداً منحلّ الشخصية، عدواني السلوك، يشعر بالنقص والكراهية.
لذلك أكد الاسلام مسؤولية الآباء التربوية، وشدّد على حسن التربية والتوجيه بقوله:
[ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودُها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون].(التحريم/6)
وجاء رجل الى النبي فقال: [ يا رسول الله ما حق ابني هذا؟ قال: (( تحسن اسمه وأدّبه، وضعه موضعاً حسناً))] (108).
فعلى الآباء مسؤولية إعداد أبنائهم وتربيتهم للحياة الصالحة وإعانتهم على الهداية، لذلك أعطى الاسلام الأب والجد من جهة الأب الولاية على الأبناء الصغار، والهيمنة عليهم، كما حمّله ضمان المسؤولية الناشئة عن تصرف أبنائه الصغار، بما يتعلّق بحقوق الناس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:23


4- حقوق الآباء على أبنائهم:

[ووصينا الانسان بوالديه حملته أمة وهنا على وهن وفصالهُ في عامين أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير].(لقمان/14) أو
[ وقضى ربّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهُما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفّ ولا تنهرهمُا وقل لهما قولاً كريماً* واخفض لهما جناح الذلّ (109) من الرحمة وقل رب ارحمهُما كما ربّياني صغيراً].(الإسراء/23-24)
لم يخص الاسلام أحداً بالعناية والتكريم كما خصّ الوالدين، ولم يثّبت لاحد من الحقوق على أحد كالحقوق التي ثبّتها للوالدين على أبنائهما.
لذلك نشاهد القرآن يجعل حقّهما بعد حق الله على الانسان، فهو عندما يأمر الانسان بالاعتراف بالفضل وشكر الله وعبادته، يردف الأمر بشكر الوالدين وطاعتهما والاحسان اليهما، والرحمة بهما، والتواضع لهما، فهما سبب وجود الانسان، ومصدر الحياة ومنهل الرعاية والعناية.
فالأم حملته بين أحشائها، وغذّته من دمها، وأرضعته من لبنها، وحنت عليها بحبّها وقلبها، وناغته بأناشيد الحبّ والسرور في ليلها ونهارها، وحرمت من لذيذ النوم من أجل نومه وراحته، ولم تفتأ طيلة
حياتها تحوطه بمشاعر الحب والرعاية وتراه روحها وقلبها النابض في جسد آخر، أليست هذه الانسانة العظيمة حريّة بأن يكون لها من الحقوق ما ليس لأحد؟ وأن يكون لها من عظيم البّر ما يفي ببعض إحسانها؟ فمن أحقّ منها بالاحسان؟ ومن أولى من الولد بالوفاء والعرفان؟
وكم كان قول رسول الله (ص) دالاً، ومعبّراً حين قال لرجل جاء يسأله:
[ يا رسول الله من أبرّ؟ قال: ((أمّك))، قال: ثمّ من؟ قال: ((أمّك))، قال ثم من، قال: ((أمّك))، قال: ثمّ من؟ قال: ((أباك))] (110).
والأب للأبناء هو الحبيب والمربّي والمنفق،الذي يبذل جهده،ويوقف حياته،ويؤثر على نفسه من أجل أن يوفرالعيش السعيد،والحياة الهانئة،فهو يرى أبناءه وجوداً يمثلّ وجوده،وامتداداً يمدّ في الحياة بعد موته.
ولقد كان خطاب الامام عليّ(ع) لولده الحسن لسان حال لكل الآباء الذين يؤمنون بمبادئ علي (ع)، ويحملون روحه ومشاعره:
[ ووجدتك بعضي، بل وجدتك كلّي، حتى كأن شيئاً لو أصابك أصابني، وكأن الموت لو أتاك أتاني، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي] (111).
فإذا كانت هذه المشاعر الانسانية، والعلاقات الوجدانية النبيلة هي أحاسيس ومشاعر الآباء التي يفيضونها على أبنائهم، كان البّر بالآباء والاحسان إليهم، هو أبسط الواجبات، في منطق الأخلاق وعرف الضمير، التي يؤديّها الأبناء لآبائهم، لتصاغر عطاء الأبناء وعجز حسّهم وشعورهم عن مماثلة عطاء الآباء وأحاسيسهم ومشاعرهم، لذلك كان الواجب هو الاحسان والشكر والعرفان، وهو مجرّد اعتراف بالفضل، ومحاولة لتحقيق الرضى، وليس هو كامل الوفاء أو المعادلة.
ولكي لا يكون الحق الأبوي مجرد وصايا أخلاقية أو مندوبات طوعيّة، حددّ الاسلام هذه الحقوق بواجبات قانونية وتشريعات الزامية، ألزم الأبناء بتنفيذها، وشدّد العقوبة على تاركها، فجعل للآباء على الأبناء حق الرعاية والعناية إذا كبروا واحتاجوا الى من يرعاهم وينهض بشؤونهم، كما أوجب نفقة الآباء على الأبناء عند العجز والحاجة، وأعطى السلطة الشرعية حق التنفيذ والالزام عند ظهور العقوق، وعدّه من كبائر الذنوب، ونهى عن أبسط مظاهره، وهو التأفف والضجر من الوالدين، أو النظر إليهما نظرة مقت وكراهية.
فقد جاء في الحديث الشريف:[أدنى العقوق اُفّ،ولو علم الله عزّوجلّ شيئاً أهون منه لنهى عنه](112).
[ من نظر الى أبويه نظر ماقت، وهما ظالمان له، لم يقبل الله له صلاة](113).
فالاسلام يطالب الأبناء بالاحسان الى آبائهم وان صدر منهما خطأ بحق الأبناء، وشدّد في وجوب البّر والاحسان اليهما، حتى جعل نظر الحبّ والرأفة للوالدين عبادة، كما جاء في الحديث الشريف: [نظر الولد الى والديه حبّاً لهما عبادة].
ولا ينتهي بر الأبناء بآبائهم في فترة الحياة، بل وتستمر هذه الرابطة الوجدانية والعلاقة الانسانية النبيلة للأبناء بآبائهم حتى بعد مماتهم، فالأب الميت أحوج الى البّر من الأب الحي، فعالم الحياة عالم الأسباب والنشاط الانساني، وبامكان الانسان أن يدير شؤونه أو يستعين بغير أبنائه لقضاء حاجته، أو لتفريج شدّته، وتخفيف عسره، أما الانسان في عالم الآخرة فلا يملك من الأمر شيئاً:
[ هلك عني سلطانيه]. (الحاقة/29)
[ فلا يستطيعون توصيةً ولا الى أهلهم يرجعون].(يس/50)
[ وحيل بينُهم وبين ما يشتهون].(سبأ/54)
فالانسان في عالم الآخرة مقطوع عن عالم الدنيا، وان له فيها وجوداً وعلاقة سببية هي كل حياته التي قضاها فيها.
وإن هذه الصيغة الحياتية هي كل رأسماله في عالم الآخرة، وهو بحاجة الى تصحيح هذا الوجود، وإثرائه وإنمائه بأسباب الخير، لانّ مصيره في عالم الآخرة متوقّف عليه، وها هو قد انقطع عن ذلك العالم، ولا يستطيع العودة إليه، ولم يزل محتاجاً إليه لمعالجة ما طرأ على فترة حياته من سوء وتشويه، فمن الذي يستطيع أن يقوم بهذه المهمّة؟ ومن الذي يجبر انكسار الانسان في حياته وهو بعيد عنها؟ السنّة النبوية تجيبنا على ذلك وتخبرنا أن للانسان امتداداً وجودياً في الحياة، يمكن أن يستمر بعد موته، هذا الامتداد هو جزء من ذاته، وحصيلة طّيبة من غرس يده.
فقد جاء عن الرسول الكريم محمد (ص): [ إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له] فالولد الصالح ينفع أبويه في حياتهما وبعد مماتهما.
لذا فإن الرسول (ص) لم يعتبر برّ الوالدين منقطعاً بانقطاع الحياة، بل اعتبره مستمرّاً فيما بعدها أيضاً.
جاء اعرابي الى رسول الله (ص) فقال: [ يا رسول الله هل بقي من برّ أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: ((نعم؛ الصلاة عليهما، والاستغفار لهما وانفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، واكرام صديقهما)) ].
لذلك كان على الأبناء أن يبّروا آباءهم ويحسنوا إليهم، فيعملوا الخير لهم، ويقضوا عنهم ديونهم، وعباداتهم التي ربّما قصّروا بادائها في الحياة، كالصلاة والصوم والحج، ودوام الاستغفار لهم، فإن ذلك حق للآباء على أبنائهم كما جاء في الحديث الشريف: [إن العبد ليكون بارّاً بوالديه في حياتهما، ثم يموتان فلا يقضي عنهما ديونهما، ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عاقّاً، وإنه ليكون عاقاّ لهما في حياتهما غير بارّ بهما، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما، فيكتبه الله عزّ وجلّ بارّاً ] (114).
لذلك أوجبت الشريعة الاسلامية على الابن الأكبر قضاء ما فات الأب من صلاة إن لم يوص الأب أحداً بالقضاء، كما أوجبت على الوارث قضاء الحج، والصوم، وسائر الديون، ورد المظالم الى أهلها من تركة المتوفى نفسه قبل قسمة الميراث.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:23

5- الميراث:

والميراث يعتبر الركن الخامس من أركان تنظيم العلاقة الاسرية، فالميراث تشريع مالي له أهداف اقتصادية ونفسية تساعد على تقوية أواصر الأسرة، وشدّ الرابطة بين أفرادها، وقانون الارث في الاسلام يحقّق للأسرة والمجتمع أهدافاً كثيرة، أهمها:
1ـ يساعد على تقوية أواصر الودّ والعلاقة بين الأب وأبنائه وزوجته وأفراد أسرته، فهو يشعر أنّهم يرثون جهده وماله، وهم يشعرون بأنّه صاحب الفضل الذي ترك لهم مالاً يعينهم على سدّ حوائجهم، أو يساعدهم على فتح آفاق العمل والحياة المعاشية أمامهم .
2ـ يساعد قانون الارث على ضبط موازنة التوزيع الاقتصادي، وتقسيم الثروة التي يملكها فرد بين مجموعة من الافراد، بشكل يساعد على إلغاء التضخّم المالي من جهة، ومكافحة الفقر والحاجة من جهة أخرى.
3ـ قانون الارث يشجّع الأفراد على الانتاج،ومضاعفة الجهد،لأن الفرد في هذه الحالة يؤمن بأن أقرب الناس الى نفسه وأحبّهم إليه،هم الذين يرثونه،بل يحرص على أن يوفّر لهم حاجاتهم ويضمن لهم مستقبلهم، خصوصاً إذا كانوا صغاراً لا يستطيعون الكسب، بعكس الانسان الذي يعيش في مجتمع لا يؤمن بالارث كالمجتمع الاشتراكي مثلاً، فإن الفرد لا يجد مبرّراً الى لتوفير الانتاج ومضاعفة الجهد، ما زال هذا المال تصادره الدولة بعد وفاته، ويصير الى من لا علاقة له بهم، ولا ثواب يلحق منهم.
4ـ إن عدالة توزيع الميراث بين أقرباء الميت، تشعر الجميع رجالا‍ً ونساء بالمساواة، وتبعد روح الحقد والكراهية، وتحقّق العدالة القانونية والاخلاقية بأفضل صورها، بعكس القوانين التي تعطي الميراث للذكور من دون الإناث، أو تجعل الميراث للابن الأكبر، كما في كثير من القوانين الوضعية، والشرئع المحّرفة.
وهكذا يساعد هذا التشريع على بناء الأسرة وتماسكها حتى بعد وفاة المعيل لها، بتوفير الضمان المادي، والأساس النفسي والأخلاقي المتين لها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
a7la ayam
Admin
Admin
a7la ayam


عدد الرسائل : 724
العمر : 36
تاريخ التسجيل : 28/10/2007

اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة   اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة Icon_minitimeالخميس 22 نوفمبر 2007 - 8:24

شبهـات
1ـ حول الميراث:

ولا يفوتنا ونحن نتحدّث عن الميراث، أن نوضّح شبهة طالما دأب أعداء الاسلام على تردادها، وعدّها خصومه من المثالب والطعون التي يرمونه بها وهي قضية ميراث المرأة.
فالرأة الشائع بين المستشرقين وأتباعهم، من الطاعنين بالاسلام أن الاسلام ظلم المرأة، واستهان بها، حين جعل ميراثها نصف ميراث الرجل، وبالتأمّل في هذا الطعن نشاهد الاسلام لم يجعل ميراث المرأة نصف ميراث الرجل كقاعدة عامّة في الميراث، بل لا تنطبق هذه الحالة إلا في بعض الموارد.
فالمرأة تأخذ أحيانا‍ً نصف حصة الرجل:
[ يوصيكمُ الله في أولادكم للذّكر مثلُ حظّ الأنثيين].(النساء/11)
وتأخذ أحياناً أخرى قدراً مساوياً لحصّة الرجل:
[ وان كانت واحدة فلها النصفُ ولأبويه لكل واحد منهُما السدس ممّا ترك إن كان لهُ ولد]. (النساء/11)
ففي هذه الآية نقرأ: [ ولأبويه لكلّ واحد منهما السُدس].
فالآية الكريمة تسوّي في الميراث بين الرجل والمرأة الأبوين وتعطي كلاّ منهما ( السدس) في هذه الحالة.
وتأخذ المرأة أحياناً من الرجل كما لو توفي شخص وترك بنتاً وأحد أبويه، فعندئذ يأخذ أحد الأبوين الربع بالتسمية والرد وتأخذ البنت الثلاثة أرباع الباقية (115).
فالجد وهو رجل يستحق في هذه الحالة الربع، وتستحق حفيدته ( البنت) ثلاثة أرباع الميراث.
وهكذا نفهم أن توزيع الميراث في الاسلام-والأمثلة كثيرة على ذلك-لم ينتقص من حق المرأة شيئاً، وثانياً يتّضح لنا من ذلك أن سبب نقص ميراث المرأة في بعض الحالات عن الرجل،لا يعود لكونها امرأة،بل لاعتبارات تخصّ الميراث والتوزيع والعدالة الاجتماعية ودرجة القربى،وعدد الورثة... الخ.
وإلا كيف نفسرّ تساوي المرأة مع الرجل في بعض حالات الميراث؟ وزيادتها عليه في حالات أخرى الى ثلاثة أضعاف؟

2ـ حول تعدّد الزوجات:

[ وانّ خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثُلاث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك ادنى ألا تعولوا]. (النساء/3)
[ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتُم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلّقة (116) وان تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيماً].(النساء/129)
لو القينا نظرة تحليلية فاحصة على تاريخ الجاهلية البشرية،قديمها ومعاصرها،وحاولنا أن نتفحّص تركيب الشخصية الانسانية في ظلّ هذه الجاهليات، بما تحمل هذه الشخصية من أفكار وميول، واتجاهات نفسية،وممارسة سلوكية،لوجدنا الانسان الجاهلي يتّخذ موقف الخصومة واللجاجة والمعاكسة للشريعة الالهية، منساقاً وراء شهواته ونزواته من جهة، ومتأثّراً بغروره وكبريائه من جهة أخرى، فهو دائماً يحاول الردّ والتصدّي، وان كان الحق واضحاً والعدل متشخّصاً، ويندفع الى الاعتراض والاحتجاج، وان كان هو يؤمن في قرارة نفسه بصدق هذه الحقيقة، ويسلك سبيل الانحراف والاعوجاج للتعبير عن دوافعة واتباع رغباته، وان كان طريق الاستقامة مشرعاً أمامه وموصلاً لذات النتيجة.
فهو يبحث عن الحرام، ويميل الى الشذوذ، وان وجد الحلال واكتشف الاستقامة، فهذا الصنف من الناس كما وصفه القرآن الكريم:
[ وان يروا سبيل الرّشد لا يتخذُوه سبيلاً وان يروا سبيل الغيّ يتخذوه سبيلاً].(الأعراف/146)
وتنطبق هذه الحقائق على إنسان الجاهلية المادية المعاصرة تماماً،كما انطبقت على سلفه وأمثاله من أمم وأفراد جاهلية سحقية.
فهو في الوقت الذي يجد امامه سبيل الزواج مشرعا ووسائل التعبير الجنسي المحلل موفّرة، نراه يلجأ الى النيل من هذه الوسائل والانتقاص منها والطعن بها، في حين يلجأ الى الممارسة الشاذة، وينحدر نحو أخلاقية رذيلة، وبدافع من هذه العوامل النفسية المريضة اندفع خصوم الاسلام، من مستشرقين ومبشرين واباحيين، وشنّوا حملة ظالمة على الاسلام لتشويه نظمه وقوانينه وعرضها بصورة مشوّهة، لتضليل الرأي العام البشري والحيلولة بينه وبين الحصول على رؤية علمية سليمة للاسلام، وعملوا على تشويه أهدافه وحقيقته.
وبالعودة الى هذا النظام ودراستة وتحليله، نجده تشريعاً متّسقاً مع طبيعة الحياة والظروف والأوضاع الاجتماعية للانسان، فهو يعالج مختلف تقلّبات وملابسات العلاقات الزوجية والجنسية بين الرجل والمرأة في الأسرة والمجتمع، ويعمل على مكافحة الشذوذ والانحراف والحرمان، فهو يسلك كنظام احتياطي واق للرجل والمرأة من اللجوء الى الانحراف والشذوذ، فمثلا‌ً- وكما حدث في الحربين العالميتين- أعداداً ضخمة من النساء يفوق عدد الرجال، كما أن عددا من النساء تصاب بالعقم ولا يرغب بهنّ أحد، أو تصاب بعض الزوجات بحالات مرضية تعيق الأزواج عن الممارسة والاشباع، أو تكون بعض النساء غير متكافئات من حيث الرغبات الجنسية مع أزواجهن...الخ، فكل هذه الحالات لا يمكن ان تعالج إلا بتعدّد الزوجات فهو العلاج السليم لمكافحة تساقط الرجال والنساء في أحضان الزنا والبغاء والكبت والحرمان.
وبالفعل فالمجتمعات التي لا تؤمن بتعدّد الزوجات، وتعايش حالة من التحللّ والانهيار الاخلاقي، كالمجتمع الأوربي والأمريكي والروسي...الخ. صار فيها الزنا والبغاء أمرا اعتياديا، فهي عندما رفضت التعدّد المشروع لجأت الى التعدد غير المشروع، فاختارت طريق الانحراف والشذوذ كوسيلة لمعالجة اضطراب العلاقة ونزوات الغريزة.
تبين مما سبق أن الاسلام العظيم ارتفع بالمرأة ارتفاعاً شاهقاً، وأعلى قدرها وسما بمنزلتها، بما لا يدانيه دين أو حضارة منذ أقدم العصور حتى يومنا الحاضر.
كما اتضح ان الاسلام العظيم قد أولى اهتمامه الشديد في تنشئة الفرد تنشئة صالحة ليكون عضواً نافعاً في أسرة فاضلة متماسكة سعيدة، ولتكون هذه الأسرة لبنة صلدة في بناء المجتمع الاسلامي السعيد.
فليس في الاسلام أثر للافراط أو للتفريط اللذين نشاهدهما في مبادئ الشرق والغرب، سواء في حقوق الرجل والمرأة، أو في أهميّة الفرد والمجتمع، بل نشاهد في تشريعه بوضوح تام التنسيق الكامل، والتوفيق الشامل بين حقوق وواجبات الفرد والمجتمع، وكذلك الحال نجد فيه توزيعاً عادلاً وحكيماً بين مسؤوليات وصلاحيات كلّ من الرجل والمرأة.
[والحمد لله رب العالمين]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://noseir.yoo7.com
 
اسم الكتاب: الأسرة المسلمــــة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اسم الكتاب: الحب في الإسلام
» اسم الكتاب: التوبة هدم بناء
» اسم الكتاب: الحل الشامل والدائم
» اسم الكتاب: التوحيد عقيدة وسلوك
» اسم الكتاب: الشباب .. شؤون وشجون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
a7la klam :: شَــهْـــدُ الـْكَــلِــمَــاتْ :: كُتُبٌ كَامِلَةٌ مِنَ المَكْتَبَةِ الإِسْلاَمِيَّة-
انتقل الى: